اجتماعية مقالات الكتاب

ما يحتاج أزوره .. عزيته في الواتساب

يتلقى أهل العزاء المئات من رسائل التعزية من معارفهم.. منهم من نسخ الرسالة كما هي، ومنهم من يتلطف بإضافة لمسة إنسانية عليها كالدعاء للميت، ومنهم من لا يتلفت إلى التأكد من جنس المتوفى هل هو ذكر أم أنثى قبل القيام بإعادة إرسال التعزية.

واختصرت التعزية زيادة بطرق حديثة مثل إنشاء مجموعات واتساب مؤقتة، فالزائر يدخل ويرسل رسالة نصية، ثم يخرج ويتم إغلاق القروب بعد ثلاثة أيام، وهكذا قد أدى واجبه.

والعجيب في الأمر عندما يقرر شخص ألا حاجة في زيارة أهل المتوفى والاكتفاء بالرسائل النصية، خصوصاً إن لم يكن على صلة قريبة من أهل المتوفى. لكن الرسائل لن تستبدل التواصل البشري الحقيقي مثل المواساة في العزاء والمصافحة، فالتعزية أمر واجب يثاب عليه الشخص وله أجر عظيم لما فيه من تخفيف على أهل المتوفى وتطييب خاطرهم. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المُؤْمِنَ للمؤمنِ كالبُنْيانِ يشدُّ بَعضُهُ بعضًا”.

وسائل التواصل الاجتماعي قامت بإعادة تشكيل عادات اجتماعية جديدة في الآونة الأخيرة. التواصل مع الآخرين بضغطة زر بدلاً من التواصل الحقيقي، قد يكون خطوة أولى من مشوار لفقد اللمسات الإنسانية في علاقاتنا. كشفت الدراسات الميدانية عن بعض أسباب توجه كثير من الناس نحو استخدام الرسائل النصية وتفضيلها على الاتصالات الهاتفية والزيارات مثل الرهاب الاجتماعي وتفضيل عدم المواجهة. كثير منا قد يجد أن التواصل الافتراضي أسهل من الحضوري، لأننا نبقى في نطاق الراحة، ولكن ما هو التأثير على علاقاتنا على المدى البعيد؟.

لذلك نلاحظ أن استخدام الواتساب لأداء الواجب لا يقتصر في وقت العزاء فقط، بل يُستخدم لإرسال التهنئة لمناسبات التخرج والترقية والزواج والولادة وكذلك المعايدة والاستعلام عن شخص مريض وغيرها من الظروف.

ومن ناحية أخرى، فإن أسلوب الحياة الجديد أثناء فترة جائحة كورونا جعل الكثير يعيد التفكير نحو الالتزامات المبالغ فيها التي يمارسها الناس في المناسبات مثل: والعزاء والعزائم والأعراس والأعياد. اختلطت مفاهيم الواجبات، فأصبح من الصعب التمييز بين الواجبات وبين العادات الزائدة التي أثقلت على البعض، وأدت إلى رغبتهم في اختصار المناسبات.
إن من الآداب والأخلاق التي حث عليها ديننا تلبية الدعوة، ولكن المبالغة في المناسبات والتنافس والتكلف والإطالة والأمور المزعجة ينفر البعض من حضورها.
ردة الفعل هذه تقودنا لطرح السؤال: ما الذي ينبغي أن نتخلى عنه من عادات وتقاليد، وما الذي يجب أن نبقيه وتتوارثه الأجيال بدلاً من إلغائه؟.

layanzd@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *