اجتماعية مقالات الكتاب

لا وجود للمحبطين بيننا

في مجتمعنا أناس يثبطون الهمة ويخيبون الآمال، يتغنون بكلمة (بس، ولكن، ولا ما تقدر تسويها، وهذه مستحيل تصير، وأنت لست أهلاً لها، وهي ليست من مستواك، والراتب قليل وأنت مؤهلاتك عالية، وهذا حظه تعيس وما عنده زهر)، وغيرها الكثير من الفلسفات العدمية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، فهم يتفننون في امتصاص طاقة الإنسان وسرقة لحظات فرحه، ويخلقون مزاجاً من الاكتئاب يحول دون ممارسة المرء حياته الطبيعية أو إنجاز خططه المستقبلية.

تمتلئ حياتنا اليومية بنماذج حية من سلوكيات هؤلاء المحبطين، وعلى سبيل المثال: قد نجد أن بعض الناس ينتقدون الآخر أمام الملأ بحجة النصح والإرشاد ولا تدري أنها تجرح كبرياءه وتؤذي مشاعره، وقد نرى بعض وسائل الإعلام تضلل المشاهد بالأحداث الكاذبة فتفعل الأزمات وتشق الصفوف، وقد نرى بعض الآباء يفرطون في تدخلاتهم السلبية مع الأبناء، الأمر الذي يزعزع ثقتهم بأنفسهم ويعرضهم للفشل والتردد، أليس الجهل في تربية الأطفال هو ما يؤخر نموهم ويحد من تفوقهم؟ أليس تتبع أخبار السوشال ميديا والتغول في استقبالها هو الذي يفشل الأعمال ويشوه كمال النتائج؟، أليس التسويف والمماطلة هو تقاعس عن أداء المهام وضياع للوقت، أليس كل من يحلل الرشوة بحجة سوء الأحوال المادية هو من يعيق التنمية وينشر الفساد، أليس التشبث بالعادات البالية واجترار الموروث الثقافي الخطأ هو الذي يقيد الفكر ويقتل الابداع، أليس التدخل في شؤون الآخرين بقصد تصيد أخطائهم هو خلل في العلاقات وجالب للحقد والكراهية، أليس التموضع في زوايا الراحة وتوجيه سهام النقد والانتقاد لكل منجز وطني هو ضرب من الثرثرة الكلامية وتعطيل لمشاريع الصالح العام، أليس التعالي على الناس واعتبار الشخص نفسه فوق القانون هو مرض خبيث يصيب العدالة في مقتل، يقول تعالى : (سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير حق). صدق الله العظيم.

من الضروري جداً أن ننتقي أفعالنا ونجيد اختيار من نتعامل معهم من الأشخاص، فنحن لا نريد أناساً محبطين، يضعون العصي في الدواليب، ولا نرغب العيش في مجتمع ورقي لا نحسن فيه إلا الكلام، بل نتوق إلى رؤية مجتمع حيوي، حيث لا مكان فيه للجاهل والمضلل، ولا للخائن والمستسلم، ولا للعنصري والمتشدد، وحيث لا ترويج فيه لثقافة الاستهلاك، ولا لبريستيج التباهي بالثروة والممتلكات. نعم نريده مجتمعاً ذا همة شماء عنيد يسعى إلى حياة أفضل للأطفال و”علاقات متينة بين الأسر والعائلات، وعزيمة أقوى نحو تنمية وبناء الأوطان.

bahirahalabi@hotmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *