اجتماعية مقالات الكتاب

النظام وروح النظام

لكل نظام وقرار روح ونفحات يعرف كيف يستخدمها كل مسؤول محنك وذي دراية وحس قيادي عالٍ، وقد لا يعرف بعضهم ذلك أو ربما يعرف لكنه غير موفق لاستخدامها للأسف، فروح النظام ونفحاته قاعدة مهمة جدا في حسن سير العمل وسعادة العاملين!!

تلك السعادة التي تقود للإخلاص والتفاني مما يحقق الإنجاز بالصورة الناجحة التي ينشدها الجميع فسعادة الموظفين هي الآن مطلب حتى يتحقق الشغف بالوظيفة ومهامها، لكن يستوقفنا بعض المدراء المتمركزين عند نقطة التنفيذ والالتزام مع وجود مساحة تحرك إيجابية داخل كل تعميم أو قرار يمكنهم استخدامها لمصلحة العمل، وقد يحررون خطابات الإنذار وقد تسوء العلاقة بين الرئيس والمرؤوس لتصل إلى نقطة اللاتحمل وأداء العمل بكراهة وتقبل التكاليف والمهام على مضض، والسبب الرئيس في الوصول لذلك هو المدير الصارم الذي لم يستفد من روح النظام ونفحاته من أجل المصلحة، لا زلت أذكر عبارة تاريخية لمسؤول كبير وفي لقاء كبير أيضا قال بالحرف الواحد أثناء خطاب توجيهي (أنا مع المدير الذي يخالف النظام من أجل مصلحة العمل والمستفيدين منه)، وهناك أسس هامة لا نختلف عليها وثوابت لا نتخطاها ولا نقبل المساس بها داخل أروقة العمل وخارجها وهي (الدين والأخلاق والوطن وولاة الأمر) هنا خط أحمر، ويظل العمل رسالة وأمانة على مر العصور والأزمان لا يحق لأحد التهاون فيه البتة، وطوبى لكل مسؤول أدرك ويدرك ذلك، طوبى لمن يتحلى في إدارته بالصرامة الممزوجة بالإنسانية والدقة الممزوجة بالمرونة وكل ذلك في ظل المحمود من التعامل الحسن الذي يستحث الهمم ويوقد شرارات العطاء، المدير الصارم الذي لايقبل رأيا ولا يعطي مساحة للتحرك داخل إطار العمل مساحة ليست في النظام لكنها تخدم المنشأة وترتقي بالعمل وتريح العاملين، المدير الذي يتوقف عند الخطأ وكأنه جريمة لاتغتفر، وعند مناقشته لايجد تبريرا غير (هذا النظام وإليكم التعميم) حجة العاجز عن التصرف والخالي الوفاض وجميعنا نعلم أن ولاة الأمر يحثون على الجودة في العمل وها هو ولي عهدنا وراعي الرؤية الطموحة يؤكد لنا أن نجاح العمل والإخلاص فيه وإتقانه يأتي مع الشغف ولن يكون الموظف شغوفا إلا مع إدارة تخلق النجاح وتؤازره وتستخرج الشغف وتدعمه .. وكم رأينا من شغوفين بأعمالهم تنازلوا عنها ورحلوا محبطين، كم من متقاعدات تقاعدا مبكرا بسبب ثقل الأعباء ودقة المتابعة التي لا روح فيها أصبحت للأسف بعض بيئات العمل طاردة حتى للكفاءات، وبالذات المدارس محاضن التربية والتعليم والبيئات التي تترعرع فيها النفوس والعقول وتتبلور الشخصيات في ميادينها لابد من تطويع بعض الأنظمة بما يتماشى مع مصلحة العمل ولايخل بالثوابت التي ذكرتها سابقاً، فكثرة الأعباء الورقية أثقلت الكواهل وشغلت عن الاهتمام بالميدان وهو الأهم والأجدر بالجهد والتخطيط، ولا ننسى أن البيروقراطية قاتلة للنجاح مدمرة للطموح والأمثلة كثيرة لكن المجال لا يسمح بذكرها. ولعلي أختم بالاستشهاد بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام (يسروا ولاتعسروا بشروا ولاتنفروا) والنظام أحيانا طاقة ساخنة جدا وروحه نفحات باردة مما يديم المودة في العمل ويرفع مستوى الأداء ودمتم بخير.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *