طرح الدكتور مصطفى النشار أستاذ الفلسفة بكلية الآداب بجامعة القاهرة، تصوراً جديداً لهذا العلم منذ أصدر كتابه (مدخل جديد إلى الفلسفة) وذلك كتاريخ جديد لها، بدأه عند الإغريق ثم المسلمين إلى يوم الناس هذا.
ومع سعة علمه وكثيف فكره، وجهد رأيه، فإن الدكتور النشار يرنو نحو الغرب بقدر ما يعطيه علمه بقليل نحو الشرق، فكأنه مثل من نعرفهم من فلاسفة العرب والمسلمين المعروفين حتى آخر كتاب للدكتور النشار ( مدخل إلى فلسفة المستقبل ( فيه وعلى صفحاته ما لا تغيير فيه من الفكر المنبهر نحو اولئك وإن كنا نغبط له الكتاب الذي هو ( رواد التجديد في الفلسفة المصرية المعاصرة في القرن العشرين) ايقاناً منا بصدق ما كتبه عن كثير من هؤلاء أعلام الرواد الفلاسفة المصريين ما عدا علي عبدالرزاق، محمد غلاب، زكي نجيب محمود، محمود أمين العالم، فؤاد زكريا، هؤلاء من يحبط أعمال فكر الفلاسفة واتزان منطقهم، ويحسبون أنهم محسنون للفكر الإنساني، ومع ذلك ذكرهم المؤلف النشار، وترجم لهم في كتابه المذكور آنفاً.
كما نجد عند هذا المؤلف علوماً فلسفية وآراءً جدّ قوية ومعارف وأفكاراً غنية باستنباطات ذات وفرة متماسكة من العلوم والآداب والثقافات الفلسفية الذي لا ينبض ماؤها.
وبالنسبة لتعريف الفلسفة اللغوي والمعنوي الحكمة ومحبتها، فالحكمة نور العقل وبصيرته ومحبته حتى قيل: فلسفة وفيلسوف المحب لها (فلاسوفا) وهو التعريف عند الاغريق للفظة ( فلسفة)، أي محبة الحكمة والأهم من التعريف إعمال الفكر الفلسفي لتعليم المتلقين بهذا التعريف ومواضيع طرحه وبيانات حقيقته والكتابة عنه بالأسلوب المرغوب، وعدم اخناق امره بالألفاظ السقيمة والجمل الجوفاء والكلم المتردي في بحر التفلسف واختيار الأسلوب الميت ! هذه العناصر المطروحة في كتب الفلسفة قديماً وحديثاً ما جدواها إلا ما أريد لهم من زخم يودي بمعاني النصوص الفلسفية كما كتبه أرسطو قديماً أو نصوص سارتر ومن اتخذ أسلوبه من بعده لتخريب الفكر والثقافة من قبل هذه الفلسفة ! وتكون الغلبة لهم.
ويسير النشار مع هذا التيار مؤرخاً وباحثاً عن فكرهم الفلسفي وفلسفتهم المنطقية الخرقاء التي جعلته يطرح مؤخراً كتابه الجديد (أرسطو رائد التفكير العلمي) وأي علم بعد الفلسفة! أو هل ما بعد الهدى إلا الضلال! وللناس فيما يعشقون مذاهب.