اجتماعية مقالات الكتاب

هل الفلسفة تحولنا لملائكة؟

عادت الفلسفة الى الواجهة في كثير من النقاشات في وسائل التواصل الاجتماعي ومساحاته وعاد معها الحديث عن الهدف الذي يطمح اليه هذا العلم الموغل في القدم المتجدد على الدوام. الجميل أن الساحة منحت كل أحد حق تقديم ” النظرة الفلسفية ” الخاصة به على اعتبار أن واحدا من تعاريف الفلسفة المعتبرة أنها “فن العيش” ولكل إنسان عيش وفن خاص به.

الاعتراض الكلاسيكي على الفلسفة باعتبارها أسلوب “غواية ” ضد التيارات الدينية ،والايديولوجيات الفردية ، والأنساق النقدية، والقيم المعروفة للتجمعات أيا كانت تراجع أمام قيم الفكر والتأمل والمراجعة للمعاني والفكر الناقد والتي تؤثث مجتمعة لمنهج عملي يستخدم أدوات لمساءلة الحياة كميدان يركض فيه الجنس البشري في محاولة لفهمه والتعايش معه وتقليل نطاق الخيبات والانكسارات والاحباطات الوجودية المتتالية.

لا تبحث الفلسفة عن تغيير قيم الناس ولا خلق ملائكة يمشون على الأرض مطمئنين بقدر ما تحاول فهم الحياة معهم، لذلك تؤكد الفلسفة في أطروحاتها أن من دهاقنة الفلاسفة أنفسهم من لم يحظ بحياة سعيدة ومنهم من قضى في ما سمي بمصارع الفلاسفة أمثال سقراط الاغريقي وبوثيوس وأرسطو وشمس الدين التبريزي وغوردانو برونو وتوماس مور وغيرهم كثير.

ما الذي تريده الفلسفة إذن؟ تريد عقلًا يفكر بعمق من أجل حياة أقل خيبات، هذا هو العزاء الذي تقدمه الفلسفة كما أشار كثير من الفلاسفة كان آخرهم د. سعيد ناشيد، تريد الفلسفة أن تجعلنا نعاود النظر في الأمور الكبرى مثل الخير والشر والوجود والحب والكراهية والعاطفة والعقل دونما دعوة لأن يعتنق الإنسان خلاف ما آمن به خصوصا عندما يتعلق الأمر بيقين راسخ لا يتزعزع.

عودة الناس لقراءة الفلسفة اليوم لن تكون دعوة لإلحاد المؤمن ولا قلق المطمئن بقدر ما هي تأملات يخضعها الإنسان بعقله لميزان الحياة الكبير لكي يفهمها من منظور جديد ومن خلال عقول مختلفة بحكمة وتروٍ. “ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرا” ..
صدق الله العظيم.

dralaaraj@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *