متابعات

مشجعون على التعدد يستغلون العيوب.. قانونيون لـ«البلاد»: المخببون يفسدون حياة الأسر

جدة – خالد بن مرضاح

يضرب المخببون على وتر “العيوب” لإفساد العلاقات الزوجية سواء بالطلاق أو الزواج لمرة أخرى بالنسبة للرجل، ما يثير حفيظة المرأة التي تطلب بدورها الطلاق، ليدخل من أفسد الحياة الزوجية في إطار “التخبيب”، المعرّف بأنه “قيام شخص ما بإفساد رابطة بين شخصين مستخدماً أساليب الخداع والغش والتغرير، وذلك لنزع وفصم عُرى تلك الرابطة وإنهاء العلاقة القائمة بينهما”، وهو تحريض أحد الطرفين على الانفصال عن الآخر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بغرض هدم مؤسسة الأسرة.

واعتبر القانون أن “التخبيب” جريمة يعاقب عليها القانون بأشد العقوبات، إذ يعتبر من القضايا الجنائية الوصف، إذ قال قانونيون لـ”البلاد”، إنه يتم رفع دعوى قضائية للتخبيب، كدعوى قضائية إذا تم ثبوت جميع الأدلة، الشروط المتعلقة بالموضوع، معتبرين أن إفساد العلاقة بين الزوجين بذكر عيوب أحدهما أمام الآخر تعتبر من الكبائر، فمن سعى في الفساد بين الزوجين وتسبب في الطلاق يعتبر مخببا ويجب مقاضاته.

وقالت المحامية نسرين علي الغامدي، إن مؤسسة الأسرة تعد من أقدس المؤسسات التي حصنتها وتولتها بالرعاية والحماية شريعتنا الإسلامية، فقد حرص الإسلام على حماية الأسرة وتحصينها ضد أي أمر يؤدي لتقويض بنيانها، مضيفة: “لو نظرنا إلى واقع بعض الناس اليوم سنجد أن من أخطر أساليب التخبيب هو يوم أن يظهر المخبب بصورة الناصح المشفق المتعاطف، فهو لا يصرح بالتخبيب لكنه يلمح وربما بقصد أو بغير قصد”.

ولفتت إلى أن جريمة التخبيب كونها جريمة جنائية الوصف فقد كانت عقوبتها في المملكة الحبس مع التعزير، وذلك مستمد من الشريعة الإسلامية، وهذا يعني أن عقوبة جريمة التخبيب تعود للقاضي الناظر في الدعوى، العقوبة تخضع لسلطة القاضي التقديرية الذي قد يتشدد في العقوبة أو يخفف منها وفقاً لوقائع الجريمة وظروفها وأحوال المخبب. وتابعت: “أما في حال طرح المخبب موضوع الطلاق والانفصال بين الزوجين بدل من استعمال أسلوب الصلح بينهما لحل الخلاف والنزاع الحاصل بينهما يتم رفع دعوى قضائية للتخبيب في النظام السعودي كدعوى قضائية إذا تم ثبوت جميع الأدلة، الشروط المتعلقة بموضوع التخبيب”، مبينة أنه لا يتم رفع الدعوى إلا إذا كانت الأفعال المشكلة للجرم تنحصر في أفعال التخبيب المتمثلة في الخداع والغش والتغرير، وأن تقع هذه الأفعال من شخص معين على أحد الزوجين لغاية هدم العلاقة الزوجية.
وأشارت إلى أن النظام ينص على أنه يمكن للزوج أن يرفع دعوى تخبيب ضد الرجل الذي يخبب العلاقة الزوجية مع زوجته، كما يحق للزوجة أن تقيم دعوى التخبيب ضد المرأة التي تخبب العلاقة الزوجية مع زوجها، كما يمكن للزوجة أن ترفع دعوى قضائية ضد المتهمة العشيقة بتهمة التخييب وإفساد العلاقة الزوجية، حيث تتراوح عقوبة المتهمة بين الغرامات والتعزير والسجن حسب الحالة.


وترى نسرين الغامدي، أن نظام تعدد الزوجات مباح ولكن تخبيب الرجل على زوجته مجرم بكل تأكيد، منوهة إلى أن علماء الملسمين حذروا من إفساد العلاقة بين الزوجين، مضيفة: “الواجب على أهل الزوجة أن يحرصوا على صلاح ما بين الزوجين لأن ذلك من مصلحتها ومصلحتهم”، مؤكدة أهمية أن لا تلتفت الزوجة أيضا إلى من يريد إيقاع الفساد في بيتها وهدم أركان بيت الزوجية.

 


حماية الأسر
أكد المحامي الدكتور عبدالله الوجيه، أهمية حماية الأسر بالحفاظ على الخصوصيات وعدم التحدث بها، معتبرا أن الأصل في الحياة الزوجية عدم الإفصاح عن اسرار وخصوصيات الزوجين خارج البيت، لعدم السماح للمخببين بالدخول بين الأزواج وإفساد حياتهم. واستطرد قائلا: “جريمة التخبيب من أشر الأفعال، سواء كان بتخبيب بالمال، أو الوعد بالزواج، أو غيرها من الأمور الخبيثة ولا بد تحذير المجتمع وتوعيته. فالآليات والمسوغات القانونية التي يمكن بواسطتها توعية المجتمع بمخاطر التخبيب وانفصال العلاقة الزوجية، هي نشر التوعية للمجتمع وتثقيفهم دينيا وقانونيا بجريمة التخبيب وعقوبتها في جميع وسائل التواصل وأنه يلحق المخبب إثم عظيم بفعلته هذه، ويجب عليه التوبة سريعا لما فيه من هدم أسرة مسلمة وتشريد أطفالهم. وأن الهدف من وضع القوانين حماية الأسرة المسلمة وصيانتها”.
وقال الوجيه إن الركن المادي في التخبيب هو أن يقوم الفاعل بإتيان الأفعال المستوجبة لحصول التخبيب، وهي أفعال الخداع والغش والتغرير وإفساد العلاقة بين الزوجين. أما الركن المعنوي، هو أن يقوم الفاعل بالأفعال المذكورة سابقاً وهو بكامل إرادته ووعيه لما يفعل، أي أن يقوم بتلك الأفعال وهو حر الإرادة لم يمارس عليه أي نوع من الإكراه المادي أو المعنوي ليقوم بذلك، وأن يكون عالماً بأنه يمارس فعل التخبيب بين الزوجين، فإذا لم يكن لديه علم فلا جريمة ولا عقوبة، وأن يكون مدركاً لعواقب فعله وأن تتجه نيته وقصده لحصول النتيجة الجرمية للتخبيب وهي التفريق بين الزوجين، فالعقوبة تعود للقاضي الناظر في الدعوى وتقع بالسجن والجلد اوبهما معا.
ومضى بالقول: “المقصود بالتخبيب هو التحريش وإفساد العلاقة وذكر عيوب أحد الزوجين أمام الآخر بغرض انفصالهم وهي تعتبر من الكبائر ومن سعى في الفساد بين الزوجين وتسبب في الطلاق يعتبر مخببا ويجب مقاضاته والواجب على الأهل أن يحرصوا على إصلاح ما بين الأزواج؛ لأن ذلك من مصلحة الأسرة”.

ظاهرة منتشرة
أوضحت الاستشارية الأسرية دعاء زهران، أن إفساد الحياة الزوجية، بقلب المرأة على زوجها، أو قلب الرجل على زوجته باتت ظاهرة منتشرة بين أفراد المجتمع، ولم يختصر التخبيب لفئة دون الأخرى، بل داخل الأسر الواحدة، فأهل الزوج مثلا يخببون على زوجة ابنهم على زوجها، والعكس عند أهل الزوج وأقاربه وأصدقائه، لذلك لابد من الانتباه لمثل هذه الممارسات بحفاظ الفرد على خصوصيته وأسراره الأسرية لعدم إتاحة الفرصة للآخرين للتطفل على حياته. وزادت: “يحافظ الفرد على كيان هذه الشراكة بحفظها وتكريمها وقُدسيتها دون أن يسمح لكائن من كان المساس بها أو التأثير في استمرار ديموميتها”.
وأشارت إلى أن الشرع جرم التخبيب وحرمه ووصف بأنه مفسدة عظيمة، لما له من آثار سلبية على الفرد والمجتمع واستقرار الأسرة، والندم الذي يصاحب الفرد الذي أتاح المجال لكي يؤثر عليه من حوله بحقائق أو تزيفات باطلة، منوهة إلى أن الشخصيات المُخببة تتمنى حياة من خببت له، وهي شخصية عدائية للناس والمجتمع، وتسعد بتشتت من حولها لأنها غير سوية.
وأضافت دعاء زهران: “علينا المحافظة على أسرار وحميمية العلاقات الخاصة حتى من أقرب الناس، وألا نجعل حياتنا كتابا مفتوحا يستطيع الجميع الاطلاع عليه، وإبداء الرأي حوله، فحياتنا أمانة لنحافظ على استمراريتها”.

الوعي مهم
اعتبر منظم الفعاليات زايد زارع، أن الوعي الكافي يساعد في البعد عن المخببين، كما أن اختيار الشريك الصالح هو طريق الحماية من التخبيب، وبالمقابل فإن الاختيار الخاطئ يكون أرض خصبة للتخبيب، يلي ذلك عوامل مثل القناعة بالحال وعيش الواقع الحقيقي للحياة وللأسرة والرضا بما قسم الله سبحانه وتعالى لهم، وعدم المبالغة في الأشياء، مشيرا إلى أن التخبيب لا يقبل في الدين ولا يتقبله العقل ولا الإنسانية، فهو تفريق بين زوجين وله تبعات سيئة على الأسرة.
وقال زراع إن التخبيب أخذ منحيين في الوقت الحاضر، فهناك تخبيب مباشر بين الأزواج، وآخر غير مباشر عبر التشجيع على التعدد في وقت لا يرغب الزوج في ذلك، لهذا من المهم جدا توفير عوامل مساعدة داخل كل أسرة لوقف أو سد مسألة التخبيب. وتابع: “من المهم أيضا البعد عن كل من يثير نفوس الأزواج، كمتابعة مشاهير السوشيال ميديا المباهين كذبا بتبدل الحياة مع تغيير الزوجة وغيرها من الوسائل التي يستخدمونها بشكل ساذج لتحقيق التخبيب بشكل غير مباشر. ويجب دوما التروي بين الأزواج قبل وقوع الخلاف بينهما”.

 

الغامدي: التشجيع على الطلاق من أجل التعدد جريمة

أكد مدير عام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة مكة المكرمة سابقاً أحمد قاسم الغامدي، أن التخبيب يهدم الأسرة والبيوت ويخل بتوازن المجتمع لأنه يخلخل الروابط، لذلك يجب على الأزواج أن يتنبهوا لما يجب حماية منازلهم وأسرهم من التخبيب، بأن يكونوا حريصين على احتواء الزوجات بالرحمة والسعي إلى تأمين الحياة السعيدة، وأن يكون هناك مجال للحوار والتباحث في مختلف الأشياء التي تخص الأسرة، وأن يكون هناك احتواء عاطفي ونفسي، حتى لا يجد المخبب طريقاً إلى المرأة التي قد احتواها زوجها من كل الأوجه الحياتية، حتى يقطع الطريق على كل من يسعى للتخبيب حتى يتم المحافظة على الأسرة.
وقال إن التخبيب له مخاطر كثيرة، أولا: إفساد العلاقة الزوجية لتنكسر مركب الحياة، وتتأثر الأسر والمجتمع بشكل سلبي، فضلا عن الأضرار التي تتعدى الأزواج إلى الأبناء، فهناك أضرار أسرية وفردية ومجتمعية، فالمرأة التي تستجيب للتخبيب فإنها وقعت في الشر، وخسرت بيتها وزوجها وأبنائها بسبب تصديقها للمخبب، مؤكدا أن الذي يقع منه التخبيب يستحق التعزير شرعاً والعقاب، فإذا ثبت إنه هو الذي قام بتخبيب المرأة أو المرأة التي قامت بتخبيب الرجل. وأضاف:” التعدد مباح ولكن من الخطأ التشجيع على الطلاق من أجل التعدد دون الحديث عن الحقوق وأهمية أن يكون من يريد التعدد قادرا على تحقيق شروط الأسرة وليس فقط من جانب العدل”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *