يتكون النظام التعليمي الجامعي في معظم الدول اليوم، من ثلاث مراحل تلي مرحلة التعليم العام؛ وهي على التوالي: مرحلة البكالوريوس ثم الماجستير وأخيرا الدكتوراه. حيث تعتبر كل مرحلة من هذه المراحل نقطة البداية لمسارات مهنية مختلفة، فالشهادة التي يحصل عليها الطالب في نهاية كل مرحلة من هذه المراحل ليست غاية في ذاتها بقدر ما هي رخصة للولوج الى هذه المسارات بطريقة مهنية وعادلة. فالبكالوريوس مرحلة تحصيل معرفي يتم خلالها تزويد الطالب بالمعارف والمهارات الأساسية من تخصصه ليتمكن من ممارسة عمله باحترافية في المجال المعني للتخصص. ثم تليها مرحلة الماجستير والتي ترتقي بخريجها من تلقي المعرفة الى الإبداع في التطبيق. ثم يُختم مسار الطلب في هذا النظام التعليمي بالدكتوراه التي تنمي فلسفة التفكير النقدي وتمكن حاملها من القدرة على الإضافة للمعرفة بشيء جديد لم يكن موجودًا من قبل. اختصارا يمكننا القول بأن البكالوريوس معرفة، والماجستير تطبيق، والدكتوراه إضافة.
تمنح درجة الدكتوراه من جامعة معترف بها، تثبت أن حاملها أمضى سنوات في البحث والدراسة والتحليل لمشكلة تقتضي البحث والتفكير بشكل علمي وموضوعي. وفي خلال هذه الرحلة يكون الطالب قد أوجد المشكلة البحثية مقدماً لها تحليلًا علمياً وموضوعيا، بعد ربطها مع من سبقوه في هذا المجال من الباحثين.
يجد الطالب نفسه خلال هذه الفترة مضطرًا لتعلم نوعين من المهارات؛ الأولى هي المهارات البحثية الاساسية وغالبًا ما يكون الطالب قد أتقن جُلها خلال مرحلة الماجستير. والثانية وهي المهارات الشخصية اللازمة لإنجاز البحث مثل إدارة الوقت والتعايش مع الضغوط وإدارة الأزمات وغيرها من الصعوبات التي تواجه الباحث مما يتطلب منه الاستعداد النفسي والبدني والمالي إضافة للعقبات الأخرى والمفاجآت غير المتوقعة على الصعيد الشخصي والعائلي الأمر الذي يحتم عليه أن يكون حازما وحاسما إزاء هذه المهددات التي تتربص به وبمسيرته.
مما لا شك فيه ان رحلة الحصول على هذه الدرجة العلمية العالية لابد أن تصحبها كثير من السلبيات التي تلقي بظلالها على الباحث ولعلي قد أشير لجوانب منها في مقالة أخرى، أما الآن فأني أستطيع القول وبثقة؛ أن المهارات المتعددة التي يكتسبها حامل الدكتوراه عبر هذه المسيرة الشاقة من العمل الدؤوب تجعله شخصا ناضجاً بما يكفي لتولي المشاريع الكبرى وإدارتها بكفاءة واحترافية، ولنا في النماذج السعودية الناجحة خير مثال ودليل. واختم حديثي من بودكاست أضواء – وهو أكثر بودكاست وثق رحلة طلبة الدكتوراه السعوديين حول العالم – حيث ذكرت الدكتورة هتون العمري ما يلي بتصرف : “يرجع سبب اهتمام الشركات الكبرى لتوظيف حامل الدكتوراه الى المرونة Resilience التي يتمتعون بها واستمرارهم للسعي للهدف بتركيز حتى مع غياب الدلائل لذلك” وهذا يختصر الكثير مما نود معرفته عن حامل الدكتوراه.
dokhyl@