لقد علمتنا الكتابة أن نترك مسافة بين الكلمة والكلمة؛ لكي يفهم الآخرون ما نكتب. وعلمتنا حركة المرور أن نترك مسافة أيضاً بيننا وبين السيارة التي أمامنا حتى لا نصطدم بها.
وكذلك علمتنا حركة الحياة أن نترك مسافة بيننا وبين الآخرين حتى لا نصطدم بهم، أو نتصادم معهم.
لكل إنسان منا عيوبه وأشواكه الخاصة التي قد لا تظهر لنا ولا نشعر بآلام وخزاتها إلا عندما نكون على مسافة غير مناسبة.
البعض يعتقد أنه كلما ازداد قرباً ممن يحبهم فإن هذا سيشعرهم بالسعادة، ولكن حتى الاهتمام الزائد قد يفقد معناه وحميميته، ويتحول إلى اختناق يشعر معه الآخرون بالضجر والتململ الذي قد يتحول إلى نفور وكراهية.
لكل إنسان خصوصيته وحدوده التي يحرص على أن يحترمها الآخرون مهما كانت درجة قرابتهم.
لنحرص على ضبط مسافاتنا مع الآخرين حتى وإن كانوا أبناء أو أقارب، فإن إدارة المسافات فن يجب علينا تفهمه وإتقانه.
اصنع من سعادتك بيتاً ولا تُخبر أحداً عن عنوانه.
حتى لا تنتظر مسببات السعادة من أحد. فقط كن أنت من يُسعد نفسك بتوفيق من الله، سبحانه وتعالى، فعندما نسدل الستار، لا لكي لا يرانا الآخرون، ولكن لكي نَشعر أن لنا حياة غير التي نتقاسمها مع الجميع.
ولعلنا خُلقنا كخطين متوازيين يعجزان عن الفراق وعن التواصل ولن يلتقيا إلا إذا انكسر أحدهما، فلا تستغرب إن أعادت لك الحياة نفس الدرس فأنت من رفض التعلم وأنت من رسم طريق الفراق.