يعد إطلاق ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، مؤسس ورئيس مجلس إدارة مسك الخيرية؛ لمشروع مدينة الأمير محمد بن سلمان غير الربحية كأول مدينة من نوعها في العالم، تجسيدًا لاهتمام القيادة البالغ بهذا القطاع الحيوي من خلال دعم الابتكار وريادة الأعمال وتأهيل قيادات المستقبل.
المبتعثون بلا أدنى شك أحد أكثر الفئات المجتمعية عطاءً وإبداعًا في إنشاء مثل هذه المؤسسات التي تتعدد أشكالها بتعدد الخدمات والمزايا التي تقدمها لمستفيديها. حديثنا اليوم سيركز على نوع فريد من هذه المؤسسات، وهي التي وقود عطائها المتطوعون من المبتعثين السعوديين حول العالم.
إن مجتمع المبتعثين السعوديين يتميز بعدة ميزات أهمها التأهيل العلمي والمهاري العالي، والرغبة الشديدة في التميز كنتيجة لما اكتسبوه من تعدد وتنوع في المدارس العلمية والتأثير الكبير لأساليب الحياة المختلفة التي عاشوها، هذه القدرات والمهارات العالية أنتجت مبادرات عظيمة ساعد في إبرازها ونجاحها الآتي:
* حاجة المستفيدين وما يقابلها من ندرة الجهات المقدمة لخدمات معينة في مجتمع الابتعاث؛ إما لفوارق ثقافية أو اجتماعية أو دينية.
* كفاءة الخدمة المقدمة وملامستها لحاجة المستفيدين، وذلك من خلال الإبداع المرتكز على الخبرة والظروف المشابهة بين المستفيد ومقدم الخدمة.
تؤدي هذه المبادرات دورا إيجابيا للمجتمع من خلال تقديم محاكاة تدريبية واقعية للكفاءات الوطنية على الإدارة والجودة والقيادة. وبالتالي فإن الاهتمام بمأسسة هذه المبادرات وتطويرها بشكل مستدام يجعلها تساهم بفعالية في تحقيق أهداف رؤية وطننا الطموحة.
للملحقية الثقافية في أمريكا تجربة ثرية وعريقة في هذا الجانب، تجلت في عدة جوانب: أولها الاهتمام بمبادرات الطلاب ودعمها ورعايتها؛ وهذا يدل على الحس القيادي للمسؤولين في الملحقية، وثانيها في خلق بيئة مميزة وراعية للإبداع من خلال الأندية الطلابية تحت مظلة جامعات الابتعاث بشكل متناغم وفريد. ومن خلال هذين الأمرين استطاع مجتمع المبتعثين في أمريكا أن يتميز وينتج لنا مبادرات يحكمها فكر مؤسساتي مستدام، وإن كان لا بد من ذكر أمثلة، فإن “سعوديون في أمريكا” خير مثال.
هذه المؤسسة العريقة التي تقدم خدماتها للمبتعثين السعوديين في جوانب متعددة ثقافية واجتماعية ودراسية، ولها أيضا مبادرات للتفاعل مع المجتمعات الغربية، أوجدت من خلالها قنوات تواصل مميزة معهم بشكل يعكس الصورة الصحيحة لثقافتنا وعراقة تاريخنا. عمر هذه المنظمة الآن يقترب من ١٥ عامًا ولا زالت مستمرة، وهذا خير دليل على أن العمل المؤسسي المميز لا ينتهي، فالناجح منه يستمر ويزداد رسوخا وثباتاً.
هذه التجربة الثرية والناجحة للملحقية الثقافية في أمريكا في إدارة العطاء التطوعي من المبتعثين ينبغي أن تعمم وتنتشر، ويستفاد منها في جميع بلدان الابتعاث، وتكون هذه التجربة الثرية نقطة الانطلاق للتميز في هذا المجال ورافدة للمبدعين المتميزين القادرين على خلق منتج مميز، يضيف للجمهور المستفيد الكثير.
dokhyl@