اجتماعية مقالات الكتاب

الطوعية والتطوعية في عمل الدبلوماسية الإنسانية

يتصف العمل في مجال الدبلوماسية الإنسانية بصفتين متلازمتين، لا تنفك إحداهما عن الأخرى؛ أما الأولى فهي صفة الطوعيًّة، فمصطلحات مثل (الإكراه والإلزام والجبرية والفرض) لا تكاد توجد في قاموس الدبلوماسية الإنسانية على الإطلاق، فهو عمل طوعي اختياري بامتياز، يتمتع فيه الفرد والفريق بهذه الخصيصة، فهو يزاول العمل الإنساني باختياره بداية من اتخاذ القرار في الدخول بوصفه عضوًا عاملًا أو فريقًا فاعلًا في أي ميدان من ميادين الدبلوماسية الإنسانية المتعددة، مرورًا بممارسة كافة الأنشطة والإجراءات التي ينزل فيها العامل إلى الميدان، فيجمع المعلومات، ويحدد الإجراءات المناسبة، ويؤطر الوسائل لتنفيذ تلك الإجراءات.

وترتب على صفة (الطوعيًّة) في العمل الإنساني نتائج إيجابية جمًّة، أولها شعور الفرد أو الفريق بأنه صاحب رسالة، وحامل قضية نابعة من داخله لا مفروضة عليه فرضًا، وهذه النتيجة تؤدي حتمًا إلى بذل الفرد والفريق في مجال الدبلوماسية الإنسانية كل ما يملك عن رضا وطيب خاطر في سبيل إنجاح الفكرة، أو إنجاز الرسالة، أو الدفاع عن تلك القضية حتى يعبر بها بر الأمان، وربما كلفه في ذلك حياته، أو أخذ من وقته وجهده وماله وفكره الكثير، لكن كل ذلك هين في سبيل الوصول.

وأما الصفة الثانية فهي صفة التطوعيًّة، فالعمل الإنساني في الأساس عمل تطوعي، يخاطب غريزة أصيلة في النفس البشرية وهي غريزة حب الخير للغير، وتمني زوال المعاناة واقتلاعها من النفوس، وإسعاد الآخرين بشتى أنواع السعادة.

إن العمل الإنساني – في الأصل – جهد يبذله إنسان بلا مقابل لمجتمعه بدافع منه للإسهام في تحمل مسؤولية المؤسسة التي تعمل على تقديم خدمة نافعة للبشرية، ويقف خلف هذا السلوك التطوعي في مجال الدبلوماسية الإنسانية عدة دوافع، منها الدافع الديني والروحي والنفسي بغرض كسب الأجر ومرضاة الله تعالى، والشعور بالسعادة.

وانطلاقًا من هاتين الميزتين يقع على عاتق العاملين في مجال الدبلوماسية الإنسانية والمنظرين لفلسفاتها الاستفادة منهما في تفجير الطاقات واستغلال الإمكانات لدى الأفراد والجماعات في دعم وتنمية العمل الإنساني بشتى صوره، فالعمل التطوعي في مجال الدبلوماسية الإنسانية يعتبر ثروة عامة ليست حكرًا لأحد، وأسسه راسخة تقوم على القيم الاجتماعية والدينية والإنسانية مثل الثقة والصدق والتعاون والتراحم والتكافل للجميع أفرادًا ومجموعاتٍ يسعون لتحقيق مصالح وحاجات الآخرين طوعًا لا كرهًا؛ لذ يجب تفعيل هذا الدور، وحث الجميع على المشاركة والانخراط في هذا العمل التطوعي ونقل خبراتهم العملية للآخرين، أو المساهمة المادية للمؤسسات والمنظمات التي تعمل في مجال الدبلوماسية الإنسانية، لتكون هذه الثقافة عامة تبلور الوجه الحضاري للإنسانية جمعاء.

* رئيس مركز الاستشارات والتدريب والتطوع بالمنظمةالعربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *