اجتماعية مقالات الكتاب

اليوم.. الكلمة لمن؟!

البحث عن وظيفة اليوم، أصبح عملية مضنية ومرهقة ولكنها تجربة مختلفة عما كنا نمارسة في السابق.. أي ما قبل كورونا. أما فيما بعدها، فالأمر قد تغير؛ بل تغير كل شيء، وذلك بسبب العمل والدراسة والتسوق عن بعد؛ حيث أصبح هناك فائض من الوقت كبير جدا، نقضيه مع عائلاتنا في المنازل؛ بل ونقضيه مع أنفسنا نفكر ونتأمل ونعيد حسابات حياتنا، ونقيم تصرفاتنا ونعيد التفكير في قراراتنا، وفيما كنا نفعل.
وكان من نتاج ذلك التقييم وإعادة النظر فيما نفعل أن أعدنا اكتشاف أنفسنا، واتخذنا قرارات مختلفة وجريئة وخصوصا أثناء اختيارنا لوظائفنا وطريقة عملنا. إما بتواجدنا في المكاتب أو العمل عن بعد، والغريب أن هناك فئات كثيرة تفضل الآن العمل عن بعد؛ وفرا للوقت واستغلاله في التأمل والاستمتاع به شخصيا أو العمل في أكثر من وظيفة لتحسين الدخل.

في السابق عندما كنا نبحث عن وظيفة، كان علينا أن نختار مظهرا وهنداما خاصا لائقا بالوظيفة؛ شريطة أن يكون كلاسيكيا بعيدا عن صرخات الموضة الحادة، وكان التقديم لأي وظيفة حتىلو كان بعيدا عن تخصصك .
وكان من المفترض أن تجيب على أي سؤال تسأل عنه حتى لو كان الأمر يتعلق بمباراة كرة يد أو قدم.. وأن تكون إجاباتك عن كل الأسئلة إيجابية، حتى لو كانت على غير قناعة منك، وأن تتحلى بالتواضع المخل وأن لا تناقش أو أن تحدد الراتب الذي تريد، ولا تسأل عن المزايا الوظيفية مثل وجبات الطعام وتذاكر سفر الأجازات والعلاوة السنوية ومصاريف دراسة الأبناء والتأمين الطبي، وأن لا تسأل عن مستقبلك الوظيفي في الشركة .. الخ.

هذا ويجب التنويه على أن ماذكرته ليس بالضرورة كان شائعا، ولكنه كان اتفاقا وقناعة ضمنية بأن هذا الإيقاع في المقابلة الشخصية سيكون له حظ وافر في القبول.
أما اليوم .. فإن مطالب واحتياجات الشباب هو العمل عن بعد .. وربما تتم المقابلة الشخصية عن طريق وسائط التواصل الفيديوية .. وأنت تلبس قميصا مزركشا من الأعلي .. وسروال البيجامة من الأسفل، وخلفك كتب مرصوصة على أرفف المكتبة، وأن أسئلتك محددة في نطاق العمل والمهارات التي تتقنها. ولك الحق في أن تناقش وتفاوض وتسأل عن حقوقك الوظيفية ومزاياها، وما هو مستقبلك الوظيفي في الشركة. وكم عدد ساعات العمل اليومية وكيفية التعويض عن العمل الإضافي، وما هي واجباتك ومسؤلياتك وصلاحياتك وكيفية التواصل مع رؤسائك وزملائك وعملائك في العمل.
اليوم الموظف يجب أن يكون شجاعا واضحا وصريحا وقويا ومنطقيا ومستعدا للنقاش والحوار والتفاوض واستعراض وجهات النظر المختلفة.. اليوم الموظف لا يبحث عن وظيفة فقط؛ بل يبحث عن شركة أو منظمة تناسبه وتتفق مع أفكاره وطموحاته وقناعاته.
الموظف اليوم يبحث عن الغرض والهدف من وجوده في الشركة ويطالب بالمرونة في أوقات العمل، واحترام الشركة له .. وأن تقدره وتلبي احتياجاته الاجتماعية والنفسية والعائلية.
لقد تغير الزمن وتغير الفكر وتغير الموظف وأصبحت له الكلمة الأولى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *