جدة- محمود العوضي
لم يمنعها عملها كأستاذة أكاديمية وباحثة، في كلية العلوم الطبية التطبيقية بجامعة الملك عبدالعزيز، وحاصلة على الدكتوراه في التغذية الإكلينيكية من جامعة “سري” بالمملكة المتحدة، عن الدخول بقوة في مجال مثير من مجالات رياضة المحركات، التي تعيش عصرها الذهبي في ظل رؤية المملكة الطموحة 2030.
د. نور حكيم الأستاذة الأكاديمية الجامعية، التي شاركت في رالي جميل للسيدات الذي أطلق بدايته مؤخرًا، سمو أمير حائل، وانتهى في العاصمة الرياض مرورًا بمنطقة القصيم، تقول عن هذه التجربة: ” بداية أشكر صحيفة ” البلاد” العريقة على إتاحتها هذه الفرصة لي. وحقيقة لايوجد تعارض أبدًا بين عملي الأكاديمي وهواياتي الرياضية؛ بل إنني أجد أثرًا إيجابيًا وإبداعيًا من هوايتي ينعكس على أدائي المهني؛ فرياضة قيادة السيارات تجلب المتعة والاسترخاء وتكوين الصداقات”.
قصتي مع قيادة السيارات
وعن بداية عشقها لقيادة السيارات، تقول د. نور حكيم:” قصتي مع قيادة السيارات طويلة؛ حيث تعلمت القيادة، حينما كان عمري 19 عامًا، وقتها كنت طالبة بكالوريوس في الولايات المتحدة الأمريكية. بداية الأمر كنت أشعر بتوتر شديد؛ لدرجة أن مقود السيارة دائمًا ما كان عليه بصمات يدي من التعرق؛ لذا كانت القيادة بلا خوف حلمًا صعب المنال!!
ولكن بالتدريج ومع مرور الأيام واكتساب الخبرة، صارت قيادة السيارات متعة وشغفًا لي، خاصة لو كان فيها مغامرة استكشاف طريق، أو مغامرة قطع مسافات طويلة، واكتشفت أن القيادة تقلل التوتر والقلق لدي؛ بل وبات وقت قيادة السيارات فرصة للتأمل والتفكر خاصة في المسافات الطويلة”.
وأضافت:” في الواقع أنا لا أفضل القيادة بسرعة ولا التهور، فأنا بطبيعتي ألتزم بالقوانين، وأهوى قطع مسافات طويلة بالسيارة، فلدي العديد من الرخص الدولية؛ منها الرخصة البريطانية التي أوقفت دراسة الدكتوراه فترة لاقتنائها!! حيث إنني كنت أدرس ولدي العديد من الالتزامات؛ منها توصيل أطفالي للمدارس، وبعد مُضي عام من بعثتي، وحسب القوانين البريطانية التي تلزم المقيمين بتغيير الرخصة الدولية وإصدار رخصه بريطانية من خلال اجتياز اختبار عملي، أيقنت أنني لا أستطيع اجتياز الاختبار؛ رغم أنني أقود منذ فترة طويلة ولكن القوانين جدًا دقيقة ومتشددة في بريطانيا، ووقت الاختبار طويل قد يصل إلى 50 دقيقة، ويلزمك بتطبيق مهارات عديدة من الصعب اجتيازها، إلا إذا كان قائد السيارة متمكنًا وواعيًا بكل القوانين؛ منها النظر في المرآة في وقت معين، إلى التوقف الموازي من مرة واحدة بدون أي تراجع أو خطأ؛ لذا أيقنت أنه من المستحيل اجتياز الاختبار، فاستأذنت من مشرفتي الدراسية في أخذ إجازة حتى أتفرغ لتلقي تدريب عملي علها ترفع من فرصة اجتياز الاختبار المطلوب، وبالفعل دخلت في تحدٍ بيني وبين نفسي، ومررت بكثير من الصعوبات حتى نجحت في اجتياز الاختبار بعد عدة محاولات، ووقتها أيقنت أن لاشيء مستحيل”.
السماح بقيادة السيدات
وعن قرار حكومتنا الرشيدة بالسماح للسيدات بقيادة السيارات تقول د. نور:” بعد عودتي لوطني الحبيب بعد إنهاء دراستي عام 2016، وفي وقت لم يكن يسمح فيه بقيادة السيدات للسيارات، كنت متأكدة تمامًا أنه قريب جدًا سوف أقود سيارتي في بلدي، وبكل أمل اخترت السيارة التي تمنيت أن أقودها، وبالفعل بعد فترة قصيرة، صدر قرار السماح بقيادة المرأة، فحكومتنا الرشيدة أدرى بمصلحة الجميع وتتخذ قراراتها في الوقت المناسب، وهنا أود أن أشير إلى أن المرأة السعودية تعيش أزهى عصورها”.
شغف التطعيس
وتضيف د. نور حكيم:”خلال الثلاث السنوات الأخيرة أحببت التطعيس بالسيارات، وأصبح عندي شغف لتعلم مهارة التعطيس، فمملكتنا تحوي الكثير من المناظر الخلابة والبيئة الرملية التي تساعد على ممارسة التطعيس بالسيارات، فهذه البيئة المتنوعة بقدر ما هي ممتعة للزوار، فهي أكثر متعة للسائق”.
رالي السيدات
وعن “رالي جميل” للسيدات،الذي انتهى مؤخرًا تقول د. نور:” يمثل رالي جميل للسيدات نقلة نوعية كبيرة جدًا لرياضة المحركات عامة، وللرياضة النسائية خاصة، فالرالي هو الأول من نوعه؛ محليًا وخليجيًا وعربيًا، وحقيقة كنت أعتبره الحلم الجميل، فأصبح حقيقة؛ فقيادة السيارة في بلدي كانت حلمًا وأمنية طالما تمنيت أن تتحقق، فصارت حقيقة ناصعة، واليوم أنا متسابقة، ولست فقط قائدة”.
وعن تجربة المشاركة في الرالي والفوز بفئة سيارات AW8 تقول د. نور حكيم:” تجربتي في رالي جميل للسيدات تجربة ثرية ومليئة بالتحديات، فقد شارك 34 فريقًا محليًا، ودوليًا. كل فريق يتكون من سائق وملاحة، وأن تكون السيارات دفع رباعي أو دفع كلي بدون تعديل، وقد سعدت بزميلتي وصديقتي الملاحة” آلاء بخش” في فريقي “بترومين نيسان”، وقد خضنا السباق بسيارة” نيسان باترول ٨ سلندر”.
وتضيف د. نور:” قبل السباق تدربنا على أيدي خبراء، وأثناء السباق مررنا بتجارب مختلفة وتعلمنا وطبقنا قوانين الرالي التي كانت غامضة في بادئ الأمر، فقوانين السباق كانت تعتمد على قدرات القيادة في الطرق الوعرة واتباع القوانين كضبط السرعة ودقة الملاحة، ومن أكبر التحديات التي واجهناها، فن اتباع كتاب الطريق!! نعم.. أسميه فنًا؛ لأننا واجهنا بعض الصعوبات بالرجوع للطريق عدة مرات، حتى نصل للنقطة المطلوبة. فكتاب الطريق هو عبارة عن رسم بإشارات بسيطة وكودز للطرق، ويتطلب استخدام البوصلة لمعرفة الاتجاهات في مناطق صحراوية ورملية؛ لذا فأي خطأ بسيط، قد يسبب الضياع. كما أن التوافق والانسجام بين السائقة والملاحة سر آخر للتمكن من إنهاء السباق، فسر النجاح يكمن في سرعة البديهة والتركيز من السائقة لفهم الاتجاهات المطلوبة من الملاحة، كما يتطلب من الملاحة التخطيط، واتخاذ القرار وشرح الاتجاهات بشكل واضح وسريع للسائقة، كما أن ضبط الوقت هو أيضًا من التحديات التي واجهتنا؛ حيث كان ينبغي الوصول في الوقت المحدد للنقطة المحددة، بدون تجاوز السرعة المطلوبة”.
شكرًا لفريق الرالي ولزوجي..
وفي الختام تقول د. نور:”أود أن أتقدم بالشكر والتقدير لفريق رالي جميل، فتنفيذ هذا الحدث أثبت أن مملكتنا سباقة في دعم وتمكين المرأة؛ حيث إنه أول رالي خاص بالسيدات في الشرق الأوسط، كما أنه أتاح لنا كسيدات سعوديات فرصة المشاركة والتنافس مع سائقات محترفات وصاحبات خبرة في خوض أقوى الراليات؛ حيث شارك في الرالي متسابقات من 15 دولة . كما لا يفوتني شكر شركة بترومين نيسان لدعمها فريقي ورعايته. ولا يفوتني أن أشكر كل من علمني ودعمني وأضاف لحصيلة تجاربي في القيادة وعالم السيارات، وهنا أخص زوجي ورفيق دربي لصبره وحرصه على تدريبي وتجهيزي ما قبل السباق في الطرق الوعرة”.