يعد مبدأ الحيادية من أهم المبادئ التي يجب أن تلتزم بها المنظمات غير الحكومية العاملة في المجال الإنساني، وينبغي أن تحرص كل هيئة مشاركة في مجال الدبلوماسية الإنسانية حرصًا شديدًا على أن توصف بأنها هيئة أو منظمة إنسانية محايدة، وذلك إن أرادت أن تسلك هذا المجال باستمرارية وقبول في الوسط الإنساني.
والحيادية تعني في أبسط مفهوم لها أنه يجب على الجهات الفاعلة في المجال الإنساني ألا تشارك في خلافات ذات طبيعة سياسية أو دينية أو أيديولوجية، وهي أكثر بكثير من كونها مبدأً مجردًا، حيث إن المنظمات الإنسانية الدولية كثيرًا ما تعمل في سياقات متقلبة، ومن خلال التمسك بالحيادية يكون الهدف الوحيد هو تخفيف المعاناة أينما وجدت.
لذا حرصت جميع المنظمات الإنسانية أن تنص في وثائقها ولوائحها التشغيلية على أن مبدأ الحيادية من أهم المبادئ التي تعتمد عليها في ممارسة أعمالها، ونذكر في هذا الصدد على سبيل المثال وثيقة المبادئ الأساسية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، الصادرة عن منشورات اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالقاهرة، حيث نصت على مبدأ الحيادية، وجاء تعريفه كما يلي:
«لكي تحتفظ الحركة بثقة الجميع، فإنها تمتنع عن الاشتراك في الأعمال العدائية، وعن التورط في أي وقت في المجالات ذات الطابع السياسي أو العرقي أو الديني أو المذهبي، وينبغي ألا تنحاز الحركة الدولية لأي طرف من الأطراف، أو تتصرف على هذا النحو، سواء بالقول أو الفعل، في أي زمان ومكان؛ وبذلك تتمكن مكونات الحركة من الوصول إلى الأفراد المحتاجين للمساعدة أثناء الأزمات ومواصلة الحوار مع أطراف النزاعات المسلحة وحالات العنف الأخرى، ويساعد الحياد الذي تتسم به الحركة الدولية على طمأنة أطراف النزاع … ويجب على مكونات الحركة أن تكتسب سمعة لسلوكها المحايد في وقت السلم، حتى تحظى بثقة جميع الأطراف وتعمل بشكل أكثر فعالية عند بدء نزاع مسلح أو أثناء حالات العنف الأخرى».
وبذلك يعد مبدأ الحيادية مبدأً إيجابيًّا في المساعدة غير التمييزية، فإذا كانت المعاناة تمس كل الأشخاص الضحايا فإن معيار التمييز لا يكون إلا وفقًا لدرجة المعاناة والاستعجال، فحسبَ هذا المفهوم لا تعد تلك الخدماتُ الطبية أو الخاصة التي تقدم للنساء والأطفال والمسنين معاملةً تمييزيةً؛ لأن هذه الفئة هي الأكثر عرضة للخطر، وبذا يتم معاملتها معاملة خاصة حسب طبيعتها دون خرق مبدأ الحيادية الذي يتمتع به العمل الإنساني.
* رئيس مركز الاستشارات والتدريب والتطوع بالمنظمةالعربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر.