موسكو – البلاد
بينما صعّدت روسيا لهجتها، معلنة أنها سترد بقوة على العقوبات الأمريكية الجديدة المفروضة عليها، مشيرة إلى أن هذا الرد لن يكون بالمثل بالضبط، قطع وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية، أمس (الأربعاء)، أن حزمة العقوبات التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي ضد روسيا بعد اعتراف موسكو باستقلال منطقتين انفصاليتين في شرق أوكرانيا، ستدخل حيز التنفيذ اليوم، فيما أكد نائب وزير الخزانة الأمريكي والي أديمو، أمس أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يمكن أن يتسبب في المزيد من الضرر في أوكرانيا، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة مستعدة للرد بحجب التكنولوجيا والموارد إذا فعل ذلك.
وقال وزير الخزانة الأمريكي والي أديمو، إن بلاده ستقطع اتصال بوتين بالتكنولوجيا الغربية التي تعتبر بالغة الأهمية لتقدم الجيش، وسنعزله عن الموارد المالية الغربية التي ستكون ضرورية لتغذية اقتصاده وأيضاً لإثراء نفسه.
وتشمل الحزمة الأولى من العقوبات التي قد تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، إجراءات مستهدفة خصوصا ضد النواب الروس الذين صوتوا لصالح الاعتراف باستقلال الانفصاليين، وإجراءات اقتصادية ضد المصارف الروسية. وأكد وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية، كليمان بون أن “الدولة والمصارف الروسية لن تكون قادرة بعد الآن على تمويل نفسها من خلال الأسواق الأوروبية”. وقررت ألمانيا تعليق تشغيل خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2. وقال بون: “أن يتّخذ الألمان قرارا مماثلا في موضوع مهم مثل توريد الغاز يعد إشارة وبادرة قوية جدا”، موضحا أن أوروبا التي تعتمد جزئيا على الغاز الروسي، لديها أيضا مخزونات كافية لتحمل الشتاء. وأضاف أنه من أجل تبرير قراره بانتهاك وحدة أراضي أوكرانيا، ألقى الرئيس الروسي خطابا كان في أجزاء منه “جنونيا” ومليئا بـ”الأكاذيب التاريخية”.
وعلى وقع التصعيد غير المسبوق في شرق أوروبا لاسيما بين الروسي والأوكرانيين، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون”، نقل 800 جندي أميركي من إيطاليا إلى منطقة البلطيق. وقال مسؤول أمريكي في الوزارة تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البنتاغون سيرسل ما يصل إلى 8 طائرات إف-35 مقاتلة من ألمانيا إلى عدة مواقع عمل على جبهة حلف الأطلسي الشرقية، كما سترسل الولايات المتحدة 32 طائرة هليكوبتر هجومية إيه.إتش 64 أباتشي إلى منطقة البلطيق وإلى بولندا من مواقع داخل أوروبا. وأوضح المسؤول الدفاعي الأميركي الكبير، أن نشر هؤلاء الأفراد الإضافيين يعاد لطمأنة للحلفاء في حلف شمال الأطلسي وردع أي عدوان محتمل ضد الدول الأعضاء في الحلف فضلا عن التدريب مع قوات الدولة المضيفة، مضيفا أن أيا من القوات الجديدة لم يأت من الولايات المتحدة.
وتأتي هذه التحرّكات متزامنة مع مخاوف من غزو روسي لأوكرانيا عقب إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أنه سيرسل قوات لدعم منطقتي دونيتسك ولوغانسك شرق جارته، اللتين أعلن استقلالهما بعدما حصل على الضوء الأخضر من مجلس الاتحاد، وهو الغرفة العليا في البرلمان الروسي، لنشر قوات مسلحة روسية في المنطقتين اللتين يسيطر عليهما الانفصاليون، من أجل ما وصفه أعضاء في المجلس بأنه مهمة “لحفظ السلام”. من جهته، صرح وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أمس، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يعد يقبل بالاستقلال الذي تحظى به أوكرانيا، بموجب القانون الدولي. وقال لودريان للصحافيين بعدما أجرى محادثات مع نظيرته الألمانية، أنالينا بيربوك، في برلين: “أعلن الرئيس بوتين في خطابه بشكل ما إلغاء أوكرانيا كدولة ذات سيادة”،
مضيفاً: “نحن في مرحلة مراجعة لاستعادة مساحات قديمة عبر إعادة اختراع التاريخ”، فيما اعتبرت نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية فيرا جوروفا، أنه من الخطأ استثناء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من العقوبات الغربية. وقالت: “يجب أن يكون بوتين جزءًا من العقوبات المفروضة على روسيا، وكان من الخطأ استبعاده”، مضيفة: “يجب أن يكون على رأس لائحة العقوبات”. في وقت أكد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أن بلاده ستقدم مزيدا من الدعم العسكري لكييف، بما يشمل منحها أسلحة دفاعية فتاكة، مشددا على ضرورة الوحدة بشأن فرض عقوبات على موسكو. وفي تأكيد على عزم روسيا غزو أوكرانيا، أجلت موسكو 95 ألف شخص من لوغانسك ودونيتسك إلى موسكو، وفقا لوزارة الطوارئ الروسية، فيما أعلنت أوكرانيا حالة الطوارئ واستدعاء قوات الاحتياط، بالإضافة لدعوة مواطنيها إلى مغادرة روسيا فوراً، وإجازة البرلمان حملهم للسلاح، حيث صوّت البرلمان الأوكراني بالموافقة في قراءة أولية على مشروع قانون يسمح للأوكرانيين بحمل الأسلحة النارية للدفاع عن النفس.