متى آخر مرة كتبت شيئًا باليد؟ ربما ليس اليوم أو أمس أو حتى هذا الأسبوع؛ قد تكون الإجابة الصحيحة “ليس كثيرًا” وقد يقول أصدقاؤك الشيء نفسه؛ من الواضح أن عدد الذين يكتبون بخط اليد بشكل يومي أقل من عشر سنوات؛ لذلك قد نفترض أنه قريبًا لن يكون هناك مكان للكتابة اليدوية في حياتنا؛ ولكن هل هذا ما نريد حدوثه أم لدينا شعور بأن الكتابة اليدوية لا تزال مهارة مفيدة؟ يكون نظام الكتابة المعتاد لدينا بشكل أساسي من الرسائل النصية ولوحة المفاتيح وتكنولوجيا الشاشة التي تعمل باللمس والتنشيط الصوتي؛ ولكن الكتابة اليدوية ما تزال محجوزة للرسالة الشخصية العرضية أو الملاحظة الفردية؛ إذن هل الكتابة اليدوية كشكل من أشكال إنتاج النص لا تزال ذات صلة؟ بعد أن أصبح بإمكاننا عن طريق الضغط على مفاتيح لوحة المفاتيح أو التحدث في ميكروفون إنتاج نص مقروء ببساطة ودقة وبسرعة وبدون مجهود نسبيًا فلماذا نتعامل إذن مع القلم؟
في مطلع القرن الحادي والعشرين ساد الاعتقاد بأن فرص بقاء الكتابة اليدوية بعيدة فقد كانت التكنولوجيا تتطور لمجالات لم نتخيلها ممكنة؛ إذ بدأت الكتابة اليدوية تبدو بغير محلها؛ علي الرغم من أن أنماط الإنتاج الكتابي كانت تتغير إلا أن الحقيقة ظلت أنه في التعليم كالمدارس والجامعات لم يكن استخدام الكتابة اليدوية بحالة سيئة فالكتابة اليدوية مهارة حيوية؛ والكتابة اليدوية أفضل من الأنماط البديلة لإنتاج النص لأن الاتصال المادي للقلم على الصفحة له تأثير مفيد من خلال التأثير التفاضلي علي عمل الدماغ؛ ويمكننا من معالجة المعلومات بعمق فهي استدعاء للحقائق وجودة التكوين كما أنها تعلم الحروف للقراءة الجيدة وتنمي اللغة والتفكير النقدي وتذكر المفاهيم الجبرية مع التطور المعرفي عبر العديد من التخصصات؛ يجب إعادة تصور خط اليد لانه يبدو من غير المحتمل أن الكتابة اليدوية ستحتفظ بالمكانة المهيمنة التي تمتعت بها لفترة طويلة ولكن من الواضح أنها لا تزال تقدم شيئًا غير عادي؛ فهي تمييز بين الشكل الفني والأداة الوظيفية فالشكل الفني يركز علي الجماليات ويتجسد بالخط؛ وتنشط الأداة الوظيفية مجموعة من العمليات المعرفية وتحفز الإبداع الكتابي؛ يمكن أن تكون الكتابة اليدوية شكلاً من أشكال الفن والوظيفة طالما أننا لا نخلط بين ما يساهم به كل نهج.
ستظهر تقنيات جديدة تقدم المواهب البشرية بكفاءتها الرقمية لكن لا ينبغي التقليل من فوائد المدخلات البشرية حيث يجب أن تكون العلاقة تكافلية؛ فالكتابة يمكن أن تعزز التسليم الرقمي؛ حيث يمكننا استخلاص فوائد للكتابة اليدوية من خلال استخدام الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية وأجهزة التحويل الرقمي؛ من الواضح أن هناك المزيد بالمستقبل ولكن جميع الأدلة تشير أن الكتابة اليدوية ستظل جزءًا كبيرًا من تلك الرحلة التطورية؛ فمهما كانت الخيارات التقنية التي يتم تطويرها قد يكون هناك دائمًا عدد من الأشخاص يرفضونها ويختارون تبني ما يمكن اعتباره الآن أشكالًا فنية من الخط وكتابة الرسائل التي يتم تقييمها لتوفير لمسة شخصية أكثر.
Nevenabbass@