الاعتدال هو التوسّط بين حالين مختلفين ويمثل مفهوم التوازن بين طرفي نقيض كتجاوز الحد المطلوب أو القصور عنه، ويعني الاستقامة والاستواء بعيداً عن الإفراط والتفريط ويعد مطلباً في حياة الأفراد والمجتمعات سواءً في العبادات أو المعاملات والعلاقات بعيداً عن التشدّد أو الانحراف في المعتقدات ومثل ذلك بين التّهور في الإقدام والجبن والإحجام في المواقف وقد عنيت التربية الإسلامية بتربية النفوس على الاعتدال في العاطفة والتفكير والسلوك، والآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة تؤكد ذلك من منطلق قول الله تعالى “وكذلك جعلناكم أمة وسطا” لأن الوسطية هي الخيار الأصلح للإنسان وللأمة في كل شؤون حياتهم وهي سمة المسلم الحق بعيداً عن التطرف بالمغالاة في أي أمر أو التصرف بلا مبالاة، وقس على ذلك في كثير من الجوانب.
وقد عني الدين الإسلامي بالاعتدال في جميع المواقف والتصرفات إلى جانب العبادات حتى في العطاءات والصدقات فالأمر الرباني يحث على التّوازن بين الإسراف والتّقتير .. شاهد ذلك قوله عز وجل، “والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما”.
فالاعتدال هنا يجسد الالتزام الواعي ولزوم الحق للوصول إلى الصواب. وهو ما يجب فعله للخلوص من أسر العادات الفردية والاجتماعية الخاطئة في الإسراف والتبذير في الحفلات والمناسبات وحتى في حياتنا الأسرية الخاصة التي تتناقض في مسارها مع التوجيه الرباني بالاعتدال والتوازن المطلوب امتثالاً لقول الرب عز جل ” وكلوا واشربوا ولا تسرفوا…” والمصطفى الأمين عليه الصلاة والسلام يخبرنا بأن خير الأمور أوسطها.
وعلى مستوى الأشخاص هناك من يبالغ في بعض الأمور متصورين أنهم على الطريق القويم متناسين حقوق أنفسهم وحقوق الآخرين، وهو ما يتعارض مع أقرّه الرسول عليه السلام لما قاله سلمان الفارسي لأبي الدرداء رضي الله عنهما “إن لربك عليك حقاً وإن لنفسك عليك حقاً وإن لأهلك عليك حقاً فاعط كل ذي حقٍ حقّه” ويمتد ذلك إلى حق الجار والعمل والمجتمع ونحو ذلك.
“يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر” فالاعتدال يعمل على التوافق ويمكّن الأفراد والمجتمعات من تخطي المشكلات.
alnasser1956@hotmail.com