هذا هو شعار الإنقاذ العالمي الوحيد من عدوى كورونا بمتحوراتها الخفية .. والذي رفعه العالم أجمع .. وهذه هي المرة الأولى في زمننا .. نشاهد العالم يتفق بالإجماع على أمر واحد وهو التباعد الإجتماعي لمكافحة جائحة كورونا.
ولكن ماهو تأثير هذا التباعد على النفس البشرية؟
والمقصود بالتباعد الاجتماعي .. هو أن نكون بعيدين عن بعضنا البعض بمسافة مترين .. وألا ندخل المناطق والأماكن المزدحمة .. وأن المصافحة باليد ممنوعة .. والأحضان محظورة .. والقبلات من باب أولى مؤجلة وأن نلبس الأقنعة والكمامات الواقية.
وكان من نتاج هذا القرار .. هو إقفال المطاعم .. ودور السينما والمسارح والمولات .. ومنع السفر بالطائرات والبواخر .. وتجنب استعمال المواصلات العامة المزدحمة بل واضطر العالم أن يمنع التجول ويقفل الحدود في الدولة الواحدة .. وتوقفت عجلة الاقتصاد العالمي والأعمال والتعليم .. وأصبحنا نمارس وندير كل شيء عن بعد.
وبما أن الإنسان بطبعه كائن اجتماعي .. فلم يتقيد بالتعليمات بصرامة بل قاومها .. فاضطرت الحكومات إلى فرض عقوبات قاسية على من يخالف ويشذ عن تطبيق التعليمات.
وأصبحت حركة البشر محصورة في ثلاثة أمتار داخل المنزل .. ما بين المعيشة والنوم والحمام .. إلا أن هذه القوانين الاجتماعية الحظرية .. سيكون لها آثار نفسية قاسية على البشر كبارا وصغارا.
يقول علماء النفس والاجتماع .. أن التأثير السيكلوجي والعقلي على البشر نتيجة للتباعد الإجتماعي .. سيكون قويا وثمنه غاليا .. وقد يصيب الإنسان بالضغوط النفسية والاكتئاب والأرق والإرهاق الإنفعالي والإدمان على المهدئات والمسكنات .. حيث أثبتت الدراسات أن هذه الأعراض تصيب حوالي 34 % من البشر .. ولا يقتصر الأمر على ذلك .. بل إن هذه الأعراض سترافق الإنسان لفترات طويلة من حياته بعد انتهاء إجراءات الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي.
هذا بالإضافة إلى القلق نتيجة التفكير في العواقب الوخيمة التي ستقع على الاقتصاد .. وخروج عدد هائل من الشركات والمؤسسات من السوق .. وبالتالي الاستغناء عن العمالة والموظفين وتزداد البطالة .. وهذه كارثة بحد ذاتها.
وهناك أيضا .. معاناة مضاعفة يعاني منها كبار السن غير القادرين أصلا على التعامل والتواصل الاجتماعي في الأيام العادية .. فما بالنا عند تطبيق الحجر وإجراءات التباعد الاجتماعي .. وهم في أمس الحاجة إلى لمسات العطف والحنان الإنسانية والزيارات العائلية بل والتحدث مع المقربين إليهم.
وأخيرا .. فإن وسائط التواصل الاجتماعي .. ستخفف قليلا من آثار هذه الإجراءات .. إلا أنها لا تغني البته عن مقابلة الأحباب والأهل والأصدقاء وجها لوجه .. أو لمسة عطف وحنان بينهم ..
ونحن نعاني الآن من موجة شرسة أخرى للجائحة .. أرجو أن نقيم الأمور بوعي وحكمة .. ونقدم على التطعيم وتطبيق إجراءات التباعد والنظافة ولبس الكمامة .. حتى نستطيع أن نقلص فترة هذه المعاناة .. ونتلافي آثارها السلبية على أنفسنا.