اجتماعية مقالات الكتاب

يتيما الدهر

المودة والرحمة من الأسس القويمة للاستقرار والسعادة الزوجية والأسرية، لكن لا تخلو حياة أي زوجين من اختلافات وخلافات بدرجات متفاوتة وتلك من طبائع البشر، ومنهم من يعالجون خلافاتهم الزوجية بالحوار ويمدون جسوره دون قطعها ولو كانت شعرة، دون أن يفسدوا للود قضية، لحرصهم على دوام العشرة بالمودة.

ورغم وجود أسباب لاستحالة العشرة من أحد الزوجين أو كليهما، هناك حالات كثيرة يمكن الإصلاح بينها، لكنهم لا يتبعون سبلها وكأن خلافاتهم الزوجية هي نهاية حتمية لمشوار الشراكة واستحالة العشرة، ولا يرون للطلاق بديلا.

هذا بالنسبة للأزواج والزوجات، لكن الأخطر أن يكون تدخل الأهل أو القريبين، على هذه الشاكلة وبدلا من السعي لرأب الخلاف بين الزوجين ومنع تصدع علاقتهما، يكون تدخلهم غير حميد ولا محمود العاقبة وهو الطلاق “أبغض الحلال عند الله” وذلك بتحريض الزوج على الطلاق، وتزيين فكرة الزواج من أخرى له لتجربة حياة جديدة أكثر سعادة وتعويض ما فاته، وكذلك من يدفع الزوجة إلى طلب الانفصال طلاقا أو خلعا، واقناعها بأن ذلك سيحررها من قيود الرجل وجبروته، وهكذا يتعمق العناد وتوصد أبواب الصلح ويقع المحظور.

مثل هؤلاء الأزواج والزوجات يظنون أن الطلاق نهاية لمرارات ومتاعب وبداية أحلام جديدة، لكن الواقع يصدمهم عندما ينتهي بهم الأمر ويصبح كل منهم وحيداً، وقد انفض عنهم الأهل وعزوتهما دون أي مقدمات، ويبدأ الزوجان بالانتباه نادمين عن الانفصال الذي وقع بسب أطراف ثالثة تدخلوا في حياتهما دون عقل ولا رغبة في إصلاح، ولا يعرفون لغة الحب ولا قدسية الرباط الأسري ولا نعمة المحافظة على الأبناء، وتتبدل الأحلام بقضايا لاحقة.

لذا يجب أن يعرف كلا الزوجين أساسيات التعامل مع بعضهما وحل المشاكل بينهما دون الانصياع وراء آراء أشخاص قد لا يريدون إصلاحا، فهم أولى الناس بحل مشكلاتهم دون تدخلات من أحد؟، فإذا لم يستطيعا يمكنهم اللجوء إلى الأهل وفي حال لم يكونوا أهلاً للإصلاح فيجب اللجوء لخبير ارشاد اسري وطلب المساعدة. أما الساعون بغير إصلاح، فانتبهوا ولا تكونوا ممن ذكرهم الرسول في الحديث الشريف “ليس منا من خبب امرأة على زوجها” فالإفساد بين الزوجين من كبائر الذنوب لكونه يجعل الزوجين يتيمين طوال الدهر.

jeje15680@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *