البلاد ـ ياسر بن يوسف ـ رانيا الوجيه
لا شيء أصعب من مواجهة عدو يتسلل إلى منزلك عبر الإنترنت الذي بات الاستغناء عنه مستحيلاً، خاصة مع ارتباطه بكل معاملات الحياة، فقد تعددت مخاطر الألعاب الإلكترونية، من إهدار الوقت لدى الأطفال والمراهقين والشباب، مروراً بترويج أفكار مسمومة، إلى أن تحولت قاتلاً مأجوراً محترفاً يجيد اختيار ضحاياه عن بعد، وهو الأمر الذي يتطلب تحركاً جماعياً للحفاظ على جيل المستقبل حيث أن “ببجي وفورت نايت وكول أوف ديوتي” ألعاب إلكترونية متاحة على الهواتف وأجهزة البلايستيشن انتشرت أخيراً، وتكمن خطورتها في أنها تتيح للمستخدمين التعرف إلى غرباء، وإنشاء صداقات عبر شبكات مخفية يستغلونها في التعرف إلى أمور وأفعال تخالف العادات والتقاليد.
وبينما أكد مختصون وخبراء أن الألعاب الإلكترونية تعزز الذكاء والمهارات المعرفية لدى الأطفال وتجعلهم يستكشفون كل جديد في العلوم، وصف آخرون تلك الألعاب بـ«شديدة الخطورة»، لكونها تروّج الأفكار العنيفة والمتطرفة بين النشء، مؤكدين أن الرقابة الأسرية غائبة، وهي خط الدفاع الأول عن الأبناء، تليها الحملات التوعوية ودور الجهات المختصة.
واعترف أولياء أمور بأن العزلة التي تعيشها شريحة كبيرة من الأبناء داخل غرفهم المغلقة دون أي نوع من الرقابة، هي التي تقودهم إلى الألعاب الإلكترونية وما تتضمنها من مخاطر، مشيرين إلى أن انشغالهم في دوامة العمل هو ما يضعف الدور الرقابي.
يقول أحد الآباء وهو يسترجع من أقاصي ذاكرته مشهد غرباء في منزله أنه في احد الايام اكتشف عددا من الاطفال الغرباء مع ابنه وبعد ان القى عليهم التحية سأل ابنه بعفوية عن هؤلاء الغرباء فأبلغه انهم أصدقاؤه قادمون من عدة مناطق تعرف عليهم عبر البلاي ستيشن.
استغلال الأبناء
ومن الجانب النفسي تحلل الدكتورة سميرة الغامدي استشاريه نفسية بقولها: يتم استغلال الأطفال في هذه الألعاب الإلكترونية من قبل أشخاص مجهولين حيث عندما يبدأ التعرف مع احد الغرباء من خلال تلك الألعاب يضع معلومات على حسابه من حيث الاسم والعمر والمعلومات الشخصية لا نعرف التأكد من صحتها ، ويمكن أن يكون شخصا مجهولا يقوم باستغلال أبنائنا، والصداقات الافتراضية ليست صداقات حقيقية فعندما يكون هناك طفل جميع صداقاته مرتبطة بجهات أو شخصيات غير معروفة يؤثر على نشأته بشكل خطير جدا ولا يستطيع ان تعلم التواصل الطبيعي مع أطفال من أقرانه في بيئة طبيعية ، لذلك يجب أن يكون هذا اللعب والتعارف تحت إشراف الآباء، لكي لا تأتي اللحظة التي تتحول فيها الحكاية إلى إدمان يومي وان هؤلاء هم أصدقاؤه الوحيدون والمفضلون لديه، دون أن يكون تحت رقابة هنا تأتي مرحلة الخطر، من جانب آخر نحن لسنا ضد الألعاب الإلكترونية والتكنولوجيا ولا يمكن منعها من حياتهم، لأن هذا جيلهم وهذه تقنيات عصرهم وبالتالي يمكن الاستفادة من هذه الألعاب في تنمية ذكاء الأطفال وتقوية قدراتهم المعرفية من خلال الإستخدام الصحي والإشراف الأبوي وجعلهم يمارسون هذه الألعاب مع أقرانهم وبتحديد أوقات معينة للعب بالتأكيد ستنمي قدراتهم واكتساب مهارات جديدة.
رسائل إرشادية
ومن الجانب التقني يوضح الخبير التقني أحمد عبد القادر بقوله: أن الإقبال على الألعاب الإلكترونية تضاعف بشكل كبير ولافت خلال السنوات الأخيرة من خلال زيادة نسبة الاشتراكات والحسابات المستخدمة في هذه الألعاب بشكل شهري في ظل مطالبات بضرورة مراقبة صناعة الألعاب الإلكترونية ، ومدى ملاءمتها لهوية الأطفال والمراهقين، وإصدار أدوات وتشريعات الحماية والرقابة على هذه الألعاب، وأهمية الدور الإعلامي في مواجهة مخاطرها وتقنين استخدامها. وبالفعل للهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات دور كبير في بث رسائل إرشادية ونصائح إلى الشباب والاطفال المهتمين بالألعاب الإلكترونية عبر الإنترنت لحماية الشباب والمراهقين من مخاطر بعض الألعاب الإلكترونية التى نتج عنه بعض الآثار السلبية الناجمة عن الاستخدام المفرط للانترنت والألعاب الالكترونية، على سبيل المثال: (التوحد ,العزلة الالكترونية , التفكك الأسري,إدمان الألعاب الالكترونية ). ودور الهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات توعوي بالدرجة الاولى بعمل حملات ارشادية لنصح الشباب بهذه المخاطر على جميع منصات التواصل الاجتماعي ومنصات الالعاب وبالمدارس والجامعات والنوادي والمولات لتعريف شبابنا بهذه المخاطر والحد من انتشارها.
تنمية الذكاء
ومن جانب آخر أوضح الخبير التقني أحمد عبد القادر أنه يمكن الاستفادة من هذه الألعاب التقنية لتنمية ذكاء الأطفال ومهاراتهم المعرفية من خلال استغلال الألعاب الإلكترونية في مجال التعليم؛ وذلك لأنها تجعل عملية تعلم الأطفال متعة وتجذبهم إلى المنهج، وتحتوي كثير من تلك الألعاب الإلكترونية على خطوات ومهارات من شأنها تنمية القدرات الإدراكية والذكاء والتفكير والقدرة على اتخاذ القرارات لدى الأطفال والشباب مع تزويد الأطفال والشباب ببعض المعلومات العامة النافعة والمفيدة سواء كانت معلومات عامة أو دينية أو ثقافية وايضا تنمية مهارة التعامل مع الأجهزة الإلكترونية.
لعبة الحبار
حذر استشاري الأطفال الدكتور نصرالدين الشريف ، الأطفال من تقليد مشاهد المسلسل الكوري الجنوبي ” لعبة الحبار” الذي تقوم فكرته الفكرة الرئيسية على الاشتراك في سلسلة من الألعاب المميتة للفوز بجائزة مالية قيمتها 38.31 مليون دولار، إذ تتضمن المسابقات الكثير من مشاهد العنف والدماء التي تحدث أثناء المنافسات الشرسة. وهي من ضمن اللعاب الكتروانية الخطيرة علي حياتهم.
وقال إنه للأسف بعد بث المسلسل حدثت ضجة كبيرة وردود أفعال مختلفة في أوساط المجتمعات العالمية ، إذ تسبب المسلسل الكوري في التأثير بشكل كبير على الأطفال الصغار والمراهقين واليافعين، لدرجة أن امتد التقليد إلى ارتداء الملابس الشبيهة لتلك التي يرتدونها إثناء ممارستهم الألعاب القتالية ، فتأثير هذا المسلسل لم يكن بسيطًا كما يتوقعه البعض بل شكّل علامة سيئة في تغيير المفاهيم التربوية والثقافية ، من منطلق أن الأطفال أكثر تأثرًا وتقليدًا لمشاهد العنف والتحدي .
وأشار إلى أن هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق أولياء الأمور في الالتفاف إلى ما يشاهدونه أبنائهم، ومتابعتهم عن طريق الجلوس إلى جانبهم في ذلك الوقت، لتحديد ما هو يلائم المشاهدة أو غير ملائم لسنهم ، وخصوصًا أن معظم الأطفال لديهم جوالات شخصية وبالتالي سهولة تحميل مثل هذه المسلسلات ، مع التأكيد على الأطفال أن كل ما يشاهدونه في المسلسلات هو نسج من الخيال.
وفي السياق يقول استشاري طب الأسرة والحساسية الدكتور خالد عبيد باواكد: السمنة أصبحت تشكل أبرز التحديات الصحية التي تواجه المجتمعات مسببة بذلك خطورة على الأفراد، بجانب الانعكاسات النفسية والاجتماعية والبدنية والاقتصادية المترتبة على ذلك. وذلك بسبب الجلوس الطويل على العاب الكترونية وخلف الشاشات مما يؤدي الي السمنة.
توصيات
يؤكد خبراء إن الألعاب الإلكترونية تحمل العديد من الأضرار منها الأضرار الاجتماعية والدينية والصحية والسلوكية، إضافة إلى تدهور التحصيل العلمي للطلبة المدمنين على تلك الألعاب، وهو الأمر الذي يؤدي إلى إلحاق العديد من المخاطر بهم ، وشددوا على دور الأهل في رقابة الأبناء وعدم تركهم فريسة سهلة لتلك الألعاب التي وصفت بالمميتة، والتي تحرض على العنف والانتحار.
وأضافوا أن مستخدمي هذه الألعاب يتعرضون لمخاطر صحية، منها التأثير على النظر والجلوس لفترة طويلة أمام الجهاز، التي قد تصل إلى 20 ساعة، ما يؤثر على التركيز والمخ والعمود الفقري وغيرها.
وأوصوا بفتح المجال أمام الشباب لابتكار ألعاب مماثلة تكون تحت إشراف محلي، مراقبة الأبناء والتحرّي عن الأشخاص الذين يلعبون معهم وأعمارهم، عدم تحميل برامج الطرف الثالث لتسريع مراحل اللعب لأنها تعرّض الأجهزة للاختراق الإلكتروني، تنظيم حملات مكثفة لتوعية الشباب بمخاطر الألعاب الإلكترونية، رقابة الجهات المختصة تعزّز دور الأسر، دعوة إلى حملات إعلامية مكثفة لتوعية الأطفال والشباب.