اجتماعية مقالات الكتاب

وليكتب بينكم كاتب

“يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدينٍ فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل” سورة البقرة 282.

العقود من أهم مصادر الالتزام التي تحفظ حقوق الأفراد في علاقاتهم فيما بينهم وكذلك تحفظ حقوق الهيئات العامة والمؤسسات فيما بينها وفي مواجهة الأفراد، وبالنظر إلى غالبية الإشكالات الواقعة بين العامة في تعاملاتهم نجد أنها تدور حول عدم وجود عقد موثق بينهم، أو أن هناك عقداً ولكنه لم يتضمن الصياغة المناسبة والملائمة لجميع محتويات العمل وشروطه والتزامات كل أطرافه وحقوقهم حال الخلاف، وبالتالي فإن توثيق العقود من الأمور الهامة التي تدرأ الخلاف وتعين على استيفاء الحق حال النزاع، كما أن هذا التوثيق لا يقتصر على عقود التوظيف أو الشراكات بين الأفراد وغيرها،

بل إنه يدخل في كل أمر يُنشئ حقوقاً والتزامات على عاتق طرفيه، وهذا أمر يلاحظ فيه التقصير الكبير من قبل الناس، فيقترض أحدهم من صديقه أو قريبه مبلغاً مالياً قليلاً كان أو كثيراً، وبسبب الخجل أو العلاقة القوية بينهم لا يوثقون هذه العقود، ومن ثم تبدأ رحلة النزاعات والخلافات بينهما، فلا يبيت أحدهما إلا وهو يتوعد الآخر، ولا يجلس في مجلس إلا ويذكر مساوئ صاحبه وخطاياه، كل ذلك لأن أحدهما لم يبادر بطلب توثيق هذا الحق،

ولننظر ولنعتبر بمن هم حولنا ومن أقاربنا ممن أوردهم خجلهم المحاكم، ومكثوا فيها سنوات يطالبون بحقوقهم التي لا يملكون عليها أي دليل من عقد أو شاهد وغيره، ولا يملكون إلا انتظار تكرم الطرف الآخر بأداء اليمين أو إعادة ما اقترضه، ولا يقول الشخص إن هذا قريبي أو زميلي أو صديقي وليس هناك حاجة للعقود بيننا، فهذا أمر غير صحيح، بل إنه من أكبر الأسباب التي تُفَرق الإخوة والأقارب والأصدقاء، والأمر في هذا سهل جداً، فقبل أن يكون توثيق العقود مطلبا قانونيا، هو مطلب شرعي في المقام الأول دلت عليه الآيات والأحاديث، وبالتالي فلا بد من التوعية بضرورة توثيق أي عقد حتى ولو كانت مبالغه والتزاماته قليلة، ففي ذلك اتباعٌ للقرآن الكريم، واقتفاء لسنة خير المرسلين، ودرء للمفاسد المحتملة بين الطرفين.

dralsaadlaw@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *