في كل زمان ومكان تختلف وسائل التأثير في الشعوب باختلاف الطرق التي يمكن الوصول بها إلى أكبر شريحة منهم، فبعد أن كان الراديو والصحف الورقية وشاشات التلفاز تتصدر المتابعة والتأثير في توجهات ورأي العامة، بدأ الإعلام الجديد -ممثلاً بوسائل التواصل الاجتماعية- بسحب البساط من تحت أقدام هذه الوسائل العتيقة، وأصبحت متابعات أقلهم تفوق الآلاف، ليس هذا وحسب، بل وصل الحال ببعض المتابعين من تعلقه بهذا المشهور وذاك أصبح يمجّد ويبارك تصرفاتهم ويبررها حتى ولو كانت خارج نطاق الشرع والقانون،
وبالنظر إلى أسباب متابعة هؤلاء المشاهير، نجد أن ذلك ينطوي على اهتمامات الشخص المتابع، فالبعض تكون اهتماماتهم رياضية فيتابعون المشاهير أصحاب المحتوى الرياضي، وبعضهم تكون اهتماماته قانونية فنجده يتابع المشاهير أصحاب التوجه القانوني وهكذا، ولكن لا يمكن أن نغفل أن بعض المشاهير لا يملك في الأساس أي محتوى يقدمه للناس سوى افتعال بعض المواقف والأحداث التي تجلب له المتابعين والمشاهدات، أو الظهور بالمظاهر غير اللائقة التي توصله في المنصة إلى قائمة الأكثر مشاهدة، ولنعلم أن وجود هؤلاء المشاهير واقع لا يمكن تجاهله أو التغافل عنه، وإذا كان هذا هو الواقع فضبطه وتقنينه ومعاقبة المتجاوز أمر في غاية الأهمية، خصوصاً أن تأثير هؤلاء المشاهير قد يوقع المتابعين في إشكاليات مالية واجتماعية وأخلاقية تصل بهم إلى قاعات المحاكم، وبالتالي فليس هناك إلا ضبط محتوى هؤلاء المشاهير سواء كان هذا الضبط إدارياً أو جنائياً، والضبط الإداري هو ضبط وقائي بطبيعته يقي من المخالفة قبل وقوعها، ويكون ذلك إما بالتحذير منها وبيان خطورتها، أو استصدار الأنظمة واللوائح التي تقننها وتوضح العقوبات المترتبة عليها، أما الضبط الجنائي فيتعمد على الملاحقة القانونية للمشهور عقب ارتكابه للجناية لإحالته إلى الجهات المختصة لتوقيع العقوبة عليه حال ثبوت إدانته، كما أن مخالفات المشاهير تتعدد، فبعضها متعلق بالمخالفات الإعلانية وبعضها بمخالفة النظام العام، وكذلك مخالفة الآداب العامة، وغيرها من التجاوزات التي يكون في بعضها اتهامات لبعض الجهات الحكومية أو الهيئات العامة، والبعض الآخر ادعاءٌ واختلاقٌ لوقائع جنائية ليس لها أساس من الصحة، والتي على إثرها يمكن محاسبة المشهور، كما أن إعلان العقوبات الواقعة على هؤلاء المؤثرين له دور كبير في ردعهم عن العود إلى هذه المخالفات، كما أن من شأنه ردع غيرهم عن تجاوز حدود الشرع والقانون.
dralsaadlaw@gmail.com