اجتماعية مقالات الكتاب

«متلازمة الكوخ»… تداعيات ما بعد الجائحة

إن التدابير الصحية الوقائية التي تم تطبيقها في كثير من دول العالم للحد من انتشار فايروس كورونا لا سيما الحجر المنزلي قد جاءت بنتائج جيدة على صعيد الحد من انتشار الجائحة، بيد أنها للأسف قد خلفت لدى البعض اضطرابات نفسية خاصة في الدول الغربية التي شهدت ضراوة في انتشار الجائحة وتسجيل وفيات كثيرة فيها، حيث ساعد المكوث الطويل في المنازل للأفراد على عدم تأقلمهم مع متطلبات حياتهم اليومية وانفتاحهم على حياة متفاعلة مع محيطهم الاجتماعي بعد فتح المجتمعات، بل إصابة البعض منهم بمتلازمة الكوخ (Cabin Fever) التي هي واحدة من التداعيات والاضطرابات النفسية لما بعد الجائحة.

ويعرف البعض متلازمة الكوخ بأنها مجموعة من العلامات العقلية والنفسية التي تحدث نتيجة أسباب وظروف معينة منها العزلة والبقاء في وحدة، أي أنها حالة ذهنية تنطوي على مجموعة من الأعراض النفسية تظهر لدى الشخص عند البقاء في المنزل لفترة طويلة، وهي شعور مؤقت بالسلبية والعزلة والانفصال عن العالم الخارجي وعدم الرغبة بالمشاركة مع الآخرين، ومن أسبابها انعزال الفرد عن مجتمعه وأصدقائه وانتفاء الدافع للقيام بالأنشطة والانكباب في العمل وإهمال الحياة الخاصة والبطالة وتراكم الأعباء المادية على الفرد وغيرها.

وهنالك أعراض تظهر على المصابين بهذه المتلازمة من أهمها الاكتئاب والقلق والعصبية الزائدة ومشاعر الحزن والخمول والشره الشديد في تناول الطعام وقلة الدافع وانعدام الشغف وعدم التركيز والشعور باليأس وقلة الصبر وغيرها، وليست كل هذه الأعراض ثابتة في كل المصابين بمتلازمة الكوخ، بيد أن غالبيتهم يعانون من القلق والتوتر وقلة النوم وعدم التركيز، وقد تتشابه أعراض متلازمة الكوخ مع أعراض اضطرابات نفسية أخرى، ومن هنا يأتي الدور على الشخص المصاب لزيارة الطبيب النفسي لتحديد الاضطراب المسبب لهذه الأعراض التي تختلف حدتها بين الشديدة والبسيطة.

وفي الجانب العلاجي من هذه المتلازمة فهناك عدة نصائح يمكن أن تساهم في الحد من هذه المتلازمة منها على سبيل المثال لا الحصر المواءمة بين العمل والحياة الاجتماعية وتخصيص وقت للخروج من جو العمل وضغوطاته واتباع نظام غذائي صحي مناسب لحياة بدنية ونفسية جيدة وتحديد أوقات محددة لتناول الوجبات والحرص على التمارين الرياضية لا سيما رياضة المشي بوتيرة منتظمة للحد من التوتر والقلق وتخصيص بعض الوقت للاستمتاع بالطبيعة والتركيز على كل ما هو إيجابي والتخلص من المشاعر الكئيبة من خلال بعض الأنشطة كالقيام بنزهة وتحقيق مشروع معين والاستمتاع بنجاحه وتعلم لغة ورياضة جديدة والهدوء والبعد عن التوتر والحرص على الحصول على وقت كاف للنوم والتواصل مع الآخرين وغيره، وفوق ذلك كله مراجعة الطبيب النفسي حال ظهور تلك الأعراض.
باحثة وكاتبة سعودية

J_alnahari@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *