اجتماعية مقالات الكتاب

نظام الانضباط الوظيفي

عِماد كل نهضة وحضارة أفرادها المؤتمنون عليها وعلى هيئاتها ومؤسساتها، ولذلك تحرص الحكومات ضمان سير العمل في المرافق والجهات العامة بُغية الوصول إلى رضا المستفيد أولاً وإلى الرقي بالمرفق العام ثانياً، ومن السياسات الإدارية التي اتخذتها حكومتنا الرشيدة استصدار الأنظمة الإدارية والعقابية التي تضمن نزاهة العمل في الدوائر الحكومية وضمان سير العمل فيها، ومن هذه الأنظمة الحديثة نظام الانضباط الوظيفي الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/18 وتاريخ 8 /2/ 1443هـ والذي يهدف إلى حماية الوظيفة العامة وضمان سير المرفق العام بانتظام وحسن أداء الموظف لعمله،

وهذا ما نصت عليه المادة الثالثة من النظام، وعطفاً على ذلك فقد نص النظام على مفهوم واضح للمخالفة الإدارية يمكن من خلالها تحديد النطاق التأديبي للموظف، فقد عرّف النظام المخالفة التأديبية بأنها: كل عمل، أو امتناع عن عمل، يصدر عن الموظف، يتضمن خروجاً على الواجبات، أو ارتكاباً للمحظورات الوظيفية المنصوص عليها نظاماً، أو يشكل مساساً بشرف وكرامة الوظيفة. وبالتالي فإن كل خروج على الواجبات أو ارتكاب للمحظورات الوظيفية أو كان في العمل أو الامتناع عنه مساساً بشرف الوظيفة وكرامتها فإنه يرتب المسؤولية على الموظف حال ثبوت المخالفة عليه، كما أن العقوبات التي رتبها النظام على المخالفة التأديبية خمسة عقوبات ابتداءً بالأخف وهو الإنذار المكتوب وانتهاءً بالفصل من الخدمة، وإن كان النظام في مجمله يرتب عقوبات إدارية على الموظفين المخالفين والمقصرين في أداء واجباتهم الوظيفية، إلا أنه في الجانب الآخر وضع ضمانات واضحة للموظف بحيث لا يتم إدانته جُزافاً دون أي اعتبار لعمله وجهده السابق، فمن الضمانات التي أقرها النظام أنه لا يجوز إيقاع أي جزاء على الموظف إلا بعد التحقيق معه، ومواجهته بالمخالفة المنسوبة إليه، وسماع أقواله، وتحقيق دفاعه، وإثبات ذلك كتابة في محضر، ويكون القرار الصادر بإيقاع الجزاء مسبباً، كما أنه لا يجوز شغل وظيفة من صدر بشأنه حكم أو قرار بالفصل من الخدمة بطريق التعيين أو التعاقد أو الترقية أو النقل إلا بعد تحصن القرار بفوات مواعيد الطعن عليه أو اكتساب الحكم الصفة النهائية، كما رتب النظام عدداً من موانع المسؤولية على الموظف في حال تجاوزه المهام الوظيفية وذلك بأن تكون المخالفة المرتكبة تنفيذاً لأمر صدر من رئيسه، بالرغم من تنبيه الموظف لرئيسه بالمخالفة كتابة أو بأي طريقة من الطرق المعتبرة نظاماً، كما أنه يتم تشكيل لجنة أو أكثر بقرار من الوزير في كل جهة حكومية تتولى النظر في المخالفات التي يرتكبها الموظفون والتحقيق فيها، وبالتالي فإن هذا النظام بقدر ما يحمي نزاهة الوظيفة العامة فهو كذلك يحمي الموظف في المقام الأول من اتهامه بأي أمر لم يستند إلى أركان المخالفة التأديبية.

dralsaadlaw@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *