اجتماعية مقالات الكتاب

لماذا لا ينصتون؟

يقول صديقي: رئيسنا في العمل لا يستمع إلى محدثيه من الموظفين ، ويضع سماعة الهاتف على أذن واحدة ويتصفح رسائله ، وأثناء حديث موظفيه ينشغل برسم بعض الخطوط والصور على الأوراق التي أمامه ، أو يتحدث مع الشخص الذي يجلس بجانبه ، وبعد كل هذا يلتفت إلى محدثه ويصفق ويقول له أتفق معك في كل ما قلت.
قلت لصديقي لا تبتئس ، ربما كان صادقا بالرغم مما يفعل ، فهو يستمع إليكم ، وأبتسمت قائلاً: هذا يذكرني بأحد المسؤولين الكبار الذين كانت تذخر بهم الخطوط السعودية وهو الأستاذ رضا حكيم ، رحمة الله عليه ، والذي كان يرأس قطاع الشؤون التجارية وكنت أحد المحظوظين الذين حضروا معه بعض اجتماعاته مع شركات الطيران العالمية للتفاوض على اتفاقيات وحريات حقوق النقل بين الخطوط السعودية والشركات الناقلة ، ولقد تعلمت منه الكثير ، كان هذا العملاق متفردا في إدارته لعمليات التفاوض ، وجلب الكثير من المكاسب للخطوط السعودية.

وكان خلال دقائق من بداية الاجتماعات يضع الجوانب المسدلة من غترته خلف اذنيه حتى يكشف عنهما ويغمض عينيه طوال الوقت ، وتحسبه يغط في نوم عميق. ولكن كانت المفاجأة أنه عندما ينتهي المتحدث من الكلام يفتح عينه ، ويتحدث ويعلق ويدلي برأيه ويفاوض ، دون أن تفوته صغيرة كانت أم كبيرة ذكرت في الاجتماع.
وحاولت مرة أن أجرب طريقته في أحد الاجتماعات ، فأغمضت عيني ، ويبدوا أنني خلال ثوان كنت أغط في نوم عميق ، وسمع بعض الهدير من كان بجانبي ، نغزني بأصبعه فصحوت مفزوعا ولم أكررها مرة أخرى.
إنها ملكة لا يتقنها إلا ذوو مهارة الإنصات دون تشتيت الانتباه من خلال التجوال بالنظر والعيون مفتوحة.
وأعود إلى محدثي وسألني: كيف يمكنني التعامل مع رئيسي الذي لا يملك مهارة الاستماع والإنصات ، فقلت له لا تقلق ولا تتكدر ، فهذه معضلة كثيرا ما يعاني منها الموظفون بسبب أخطاء الرؤساء في عدم الاستماع والإنصات إليهم ، ولكن يمكننا أن نخفف من آثار هذه المشكلة ، وذلك بجلب انتباه المستمع أو الرئيس بالطرق التالية:

** أدرس بعناية الطريقة المفضلة عند الرئيس والتي تجذبه للاستماع وتوجيه الانتباه إليك ، حيث أن هناك طريقتين للتحدث بفعالية كي يستمع إليك الآخرون.
** الطريقة الاستقرائية ، وتعني أن المستمع يفضل التمهيد والتفصيل والتتبع والتفحص في سرد المعلومة قبل الوصول إلى الخلاصة أو الرسالة المراد توصيلها.
** الطريقة الاستنباطية ، أي أن المتحدث يبدأ بسرد مضمون الرسالة كاملة والهدف منها ، ثم ينتقل إلى شرح التفاصيل وسرد الخلاصة والنتائج.
وأخيرا ، يجب أن يدرك الرؤساء اهمية الاستماع والإنصات لموظفيهم ، فهي رسالة منه ، تعني الاهتمام بهم وبآرائهم. وهذا يؤثر على الدواخل النفسية للموظفين ويبث فيهم الطاقة والحيوية والانتشاء للعمل والإنجاز وبالتالي تحقيق الأهداف بنجاح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *