جدة – البلاد
يبدو أن الهجمات الإرهابية على العاصمة الأفغانية كابل ماضية في التمدد، ما ينبئ بجرائم حذرت منها دول عدة، بعد سيطرة حركة طالبان على مقاليد السلطة، لتبدأ الهجمات الإرهابية بطرق متعددة داخل مطار حامد كرزاي الدولي وفي محيطه، آخرها ضربات صاروخية تبناها تنظيم “داعش”، وتصدت لها الدفاعات الجوية الأمريكية أمس (الاثنين)، معترضة 5 صواريخ كانت في طريقها للمطار، وذلك بعد يوم واحد من إعلان الولايات المتحدة ضرب سيارة مفخخة، كان يستقلها عناصر من “داعش”، متوجها نحو مطار كابل.
ووصف وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الساعات الأخيرة من مهلة الإجلاء بالأخطر، مشددا في مقابلة تلفزيونية على أن الوضع خطير للغاية في هذه المرحلة الأخيرة من التواجد الأمريكي في أفغانستان بعد 20 سنة من دخولها، فيما يبدو جلياً أن عرقلة علميات الإجلاء هو الهدف الأساسي للإرهابيين مع خلق جو من عدم الأمان، حيث أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن الهجوم الصاروخي الذي حاول استهداف مطار كابل، بينما أكد مسؤول أمريكي أن التقارير الأولية لم تشر إلى وقوع أي ضحايا أمريكيين في هذا الهجوم الصاروخي الأحدث. بدوره، أكد البيت الأبيض لاحقا علمه بهذا الهجوم، موضحا في بيان أن الرئيس الأمريكي جو بايدن جدد تأكيد أوامره بأن يفعل القادة الأمريكيون “كل ما هو ضروري لحماية القوات المتواجدة هناك على الأرض”، وذلك بعد إطلاعه على الهجوم وإبلاغه بأن العمليات مستمرة دون انقطاع في المطار.
وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض جين ساكي أمس، إن عمليات الإجلاء مستمرة دون انقطاع، موضحة أن أن الرئس الأمريكي أبلغ بأن العمليات تتواصل دون انقطاع في مطار حامد كرزاي، وجدد تعليماته للمسؤولين لمضاعفة الجهود للقيام بكل ما يلزم لحماية القوات الأمريكية على الأرض.
ويأتي استمرار عمليات الإجلاء مع تصاعد القلق من أن يشن متشددو تنظيم داعش هجمات أخرى على المطار بينما تسابق القوات الأمريكية الوقت، لاستكمال انسحابها بحلول اليوم الثلاثاء، على الرغم من حديث مسؤول أمريكي عن إمكانية مواصلة الإجلاء بالاتفاق مع طالبان في الأيام القادمة بشكل استثنائي. وبينما انتقد المتحدث باسم حركة طالبان، ذبيح الله مجاهد علنا هجمات القوات الأمريكية على سيارة “الداعشي” المفخخة دون إعلام الحركة أولاً، قال مصدر من طالبان إن الحركة ترحب بتلك الضربة، مؤكدا أن تنظيم داعش في خراسان يمثل “مصدر قلق حقيقي لطالبان”.
من جهتها، أبدت روسيا تخوفها من أن تشتعل حرب أهلية في أفغانستان، عقب التطورات الأخيرة في البلاد. وأعرب مبعوث الرئيس الروسي، مدير القسم الآسيوي الثاني في وزارة الخارجية الروسية، زامير كابولوف، أمس، عن أمل بلاده بألا تُستخدم الأسلحة التي خلفتها القوات الأمريكية في أفغانستان ووقعت بين أيدي حركة طالبان في حرب أهلية محتملة. وبعد أن شهدت أفغانستان تدفق الآلاف منذ منتصف الشهر الجاري، سعياً للفرار، حذرت الأمم المتحدة من أزمة أكبر ستشهدها أفغانستان. وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إنه مع انتهاء عمليات الإجلاء ستبدأ أزمة إنسانية أكبر بكثير، داعية لإبقاء الحدود مع الأراضي الأفغانية مفتوحة، مناشدة كافة الدول المعنية بتقديم المزيد من الدعم، مشددة على أن “أزمة كبرى في بدايتها” تحدق بالبلاد وبسكانها البالغ عددهم 39 مليون نسمة. ولا شك أن التحدي الاقتصادي من أبرز الملفات التي ستضطر حركة طالبان لمواجهتها في القريب العاجل، والتي يمكن أن تشكل تحديا جديا للحركة، فبعد وقف العديد من الدول المساعدات إلى المرافق الرسمية في البلاد، بدأت الحركة تتلمس صعوبة الموقف. وبدت جلياً بوادر تلك الأزمة، التي تلوح في الأفق، مع تكدس العشرات من المودعين الأفغان، ضمن طوابير طويلة أمام المصارف، من أجل سحب مبالغ صغيرة من حساباتهم. وأكد العديد منهم، وفقا لصحيفة “وول ستريت جورنال”، أنه قيل لهم إنهم لا يستطيعون سحب سوى 200 دولار فقط في الأسبوع.