اجتماعية مقالات الكتاب

الوادي العريض

كثيرا ما نسمع عن قادة شركات ومؤسسات ووزارات يفشلون في قيادة منظماتهم ..لماذا؟ ! .. أهو بسبب ضعف ذكائهم .. أم أنهم يفتقدون إلى الرؤية الواضحة والجلية لأوضاع منظماتهم والمحيط الذي يعملون فيه .. أو بسبب الفجوة بينهم وبين فريق عملهم.
قائمة الدراسات التي تطرقت وبحثت هذا الموضوع .. تكاد في معظمها تجمع .. على أن أسباب نجاح الرؤساء هم من يضعون البشر في قائمة أولوياتهم .. ويلي ذلك الإستراتيجية الذكية.
تلعب العلاقة بين الرئيس وموظفيه أهمية قصوى .. وخصوصا مساعديه .. حيث ثقةالرئيس المطلقة في قدراتهم .. وأن يحافظ على مكتسباتهم ومزاياهم الوظيفية وأن يسعى لتعزيزها .. وأن يكونوا هم بؤرة اهتمامه في المنظمة من خلال تركيزه على الإيجابيات وتلبية احتياجاتهم الوظيفية.

ويأتي في المرتبة الثانية صياغة إستراتيجية واضحة للمنظمة من خلال الرؤية والرسالة .. وذلك بمشاركة جميع المستويات الإدارية والوظيفية في المنظمة.
أما العنصر الثالث فهو .. مشاركة أصحاب المصلحة .. والمساهمين ومجلس الإدارة والعملاء والموظفين .. بغرض دعم توجهات المنظمة حتى يعطيها زخما للانطلاق إلى الأمام بثقة ودافعية للنجاح.

وكان لي هذا الحديث مع صديق .. عملنا سوية في الخطوط السعودية وهو مهندس طيران قدير .. وإداري ناجح .. له سجل حافل بالإنجازات .. هو المهندس الأستاذ أحمد جزار .. استقطبته شركة بوينج الامريكية لصناعة الطائرات بعد تقاعده المبكر في وظيفة تنفيذية مرموقة .. ومن محاسن الصدف ..كان هناك حفل استقبال لرئيسه الجديد المشهود له بالنجاح والقادم من خارج المنظمة .. هكذا خاطب مساعديه ..
أود أن أذكركم بأنني لا أفهم في المبيعات .. فهذه مسؤوليتكم .. وأنا لا أفهم في الصناعة فهذا تخصصكم .. ولا أفهم في أمور الهندسة فهذا عملكم أنتم .. وانطلق يعدد جميع التخصصات والأعمال التي تقوم بها الشركة .. وأكد بأنها ليست تخصصه أو مسؤوليته .. وأخيرا قال لهم لذلك أقطع عهدا ووعدا علي نفسي بأنني سوف لن أتدخل في عملكم أبدا ..

ثم قال .. إنكم الآن تتساءلون عن ماهية مسؤولياتي .. مسؤوليتي هي أنتم .. فأنا مسؤول عن تطويركم .. عن إعطائكم إحتياجاتكم كي تؤدوا عملكم .. أنا مسؤول عن وضع الخطط والإستراتيجيات والأهداف التي تحقق المنافسة والنجاح ..
يقول الأستاذ أحمد جزار .. هنا صعقت واكتشفت فجوة الوادي السحيق أو العريض الذي يفصل بين نجاح وفشل الرئيس سواءا كان من داخل المنظمة أم من خارجها.

ويقول الأستاذ أحمد جزار .. إن أحد الأدوات لتقييم أداء الرئيس هو أن تستمع إليه .. فإذا كان يتحدث عن عمله وأدائه وإنجازاته هو .. فأعلم بأن الفشل حليفه .. أما إذا سمعته يتحدث وبإسهاب عن أعمال ومنجزات فريقه فأنت أمام رئيس تنفيذي ناجح ..
ويقول الأستاذ أحمد جزار أيضا .. قد لا يكون الفرق شاسعا في الكفاءة الشخصية بين الرئيس الناجح والفاشل ولكن الهوة عريضة بينهم في نظرتهم لموظفيهم .. المنطق يقول .. يستحيل علي الرئيس أن يؤدي عمل متخصصين أفضل منهم .. مهما كان ذكاؤه وتعليمه ..
بناء الفريق وتوفير احتياجاتهم وتطويرهم وتحفيزهم ومكافأتهم هي الجسر الصلب فوق الوادي العريض ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *