قضية

من سحب رصيدي وحوّلني إلى مدين؟

البلاد – نجود النهدي – حليمة أحمد – تصوير: خالد بن مرضاح

تستحوذ الأساليب الإلكترونية على النصيب الأكبر من عمليات الاحتيال التي يتعرض لها عملاء البنوك على المستويين المحلي والعالمي ، وتعد الأكثر تعقيداً والأسرع تطوراً لاعتمادها على التقنيات المصرفية الحديثة ، فكم من عميل للبنك استيقظ ذات صباح على إيقاع رسالة على هاتفه النقال تبلغه أنه تم سحب مبلغ من حسابه ما يجعله يعيش في حيرة من أمره ، ومع تزايد الحالات التي تعرضت للقرصنة فإن المؤسسات المالية السعودية تواصل بوتيرة ممنهجة حملات توعوية وتثقيفية عامة موجهة لعملائها بهدف حمايتهم من عمليات النصب والاحتيال بالتعاون مع البنك المركزي، مؤكدة أن معظم عمليات الاحتيال تعود إلى عدم أو قلة الوعي والإهمال من قبل الضحية، وعدم الالتزام بتعليمات الحماية حيث أن حصر العمليات المصرفية ضمن قنواتها المشروعة والمعتمدة، يمثل جداراً آمناً للعملاء للوقاية من الوقوع في أي محاولة للتضليل ، وليس هذا فحسب بل ثمة أسئلة تنطلق من منصات الضحايا مفادها من سحب رصيدي وحولني إلى مدين وما مسؤولية المصرف الذي يتعامل معه صاحب الحساب وكذلك البنك المركزي في مثل هكذا عمليات نصب الكترونية.

وفيما أكد أحد المصرفيين أن البنوك في مثل هذه الحالات تقوم بتغطية عمليات القرصنة الإلكترونية واعمال التزوير الا انها غير ملزمة بتغطية أخطاء العميل أذا اباح رقمه السري أو اجرى أية معاملات في مواقع مشبوهة ، وكشف قانونيون أنه صدرت عدة تشريعات لإحكام الرقابة والحماية لكافة العمليات البنكية والمالية كنظام مراقبة البنوك، ونظام المعلومات الائتمانية، وغيرها من التشريعات والقواعد بالغة الدقة والوضوح في غايتها الأهم التي هي الأمن المالي وكل ما يوصل إليه من وسائل وأدوات، والحد من جرائم الاحتيال والاختلاس والاستيلاء – غير المشروع – على الأرصدة والحسابات. وبين هذا وذاك فإن ثمة ضحايا للقرصنة البنكية يشكون من سلبية البنك الذي يتعاملون معه مما يضطرهم لرفع الشكوى إلى البنك المركزي ، خصوصا في حالات بطء المصرف الذي يتعامل معه الضحية في حيثيات الشكوى الخاصة بالقرصنة والسحب من رصيده ، مطالبين بضرورة اختصار الوقت لصالح العميل المتضرر.

تجاوب سريع
وفيما يشكو كثيرون من بطء البنوك واحيانا المماطلة والتسويف في اعادة المبالغ المسحوبة يرى آخرون غير ذلك يقول فهد الغامدي وهو يستعيد من أقاصي ذاكرته ما حدث له : فوجئت برسائل السحب من حسابي باليورو والدولار وكانت المبالغ المسحوبة ،1239 يورو و237 دولارًا فضلا عن مبالغ بعملات أخرى مما جعلني أتصل بالبنك لإيقاف التعامل على حسابي، وذكر لي الموظف أن حسابي تعرض لعملية احتيال وسوف يتم ايقافه فورا ، لافتا إلى أن موظف البنك عزا ما حدث الى أنني سجلت بيانات البطاقة بموقع مشبوه، وأشاد فهد بخدمة البنك قائلاً: كانوا ممتازين في التعامل وفي غضون 5 إلى 6 أيام تم استرداد الحساب والمبلغ أيضاً.

إيقاف الحساب
وقالت « فاطمة عبد الله» رأيت مبلغا ينسحب من حسابي «مدى» في احد البنوك حيث لم يتوقف السحب وعلى التو تواصلت فورا مع البنك لإيقاف الحساب وتم حل المشكلة وفي خلال أسبوع من البلاغ تم استرداد المبلغ المسحوب من الحساب ، ولا أدرى حتى الآن كيف تمكن القراصنة من اختراق حسابي.

العميل يتحمل نتيجة أخطائه
وأوضح المصرفي سعود السقاف الموظف في أحد البنوك المحلية: أن البنوك تتحمل تغطية السرقات الداخلية، وأعمال التزوير التي تحدث في إجراءاتها، مؤكدا في الوقت ذاته تمتع أنظمة البنوك بحماية عالية مشيرا إلى ان تأمين الحسابات يكون وفق آليات تشمل تفاصيل التغطية التي يتم تنفيذها من قبل الجهات المؤمنة، وذكر أن البنك لا يكون ملزما بتغطية خطأ العميل إذا ثبت أن فقدانه للمبلغ كان بسبب إفشائه لرقمه السري أو منحه بطاقته لشخص آخر، معتبرا أن ذلك لا يدخل في إطار أخطاء البنوك التي تكون قابلة للتغطية التأمينية.

الأمان في النفاذ الوطني
ويبقى السؤال: ما مدى مسؤولية البنك والمركزي في حماية العميل ؟..سؤال تجيب عنه المحامية والمحكم التجاري رباب المعبي بقولها: من مهام البنك المركزي السعودي مراقبة المصارف التجارية ومراقبة شركات المعلومات الائتمانية لحماية العملاء وكذلك البنوك تقع على عاتقها حماية الحسابات البنكية والأرصدة، ولكن هناك واجبات تقع على عاتق العميل لحماية حقوقه وهي أن على العميل الطلب من موظفي البنك الذي يتعامل معه توضيح كل ما هو غير واضح لديه ، أو غير متأكد منه ، فضلا عن إبلاغ البنك على وجه السرعة بالعمليات المصرفية التي تتم من دون علم العميل أو تفويضه، وعدم إفشاء المعلومات الشخصية أو البنكية لأي طرف ثالث مهما كان وذلك حماية لحساباته من القرصنة ، خصوصا مع انتشار وسيادة الفضاء الالكتروني ووجود منصات مزيفة بواجهة شبيهة بالمنصات الرسمية للمصارف يتضمن التسجيل فيها طلب معلومات الحساب البنكي والأرقام السرية، والعميل الذي ليست لديه خبرة يقع في الفخ وتسحب ارصدته، وفي مثل هذه الحالات يكون الخطأ من العميل ، حيث يجدد البنك المركزي والبنوك تحذيراتها بأن الأرقام السرية للحسابات أو معلومات بطاقات الائتمان سرية جدا وأن المصارف لا تطلبها وعلى العميل أن يكون حذراً وفطناً والتأكد قبل فتح الروابط وإرسال المعلومات الائتمانية من خلال منصات وهمية او الاستجابة لرسائل الاحتيال المالي ، والوسيلة الآمنة استخدام النفاذ الوطني للدخول للمنصات الرسمية ، وعليه أن وجدت منصات مزيفة أو رسائل للاحتيال المالي على العميل إرسال نص الرسالة إلى 330330 وتقديم البلاغ للبنك المركزي من خلال أيقونة الشكاوي.

خط الحماية
وفي السياق نفسه يوضح المحامي حمدان بن فرحان العضيد ، مدير شركة متخصصة في المحاماة والاستشارات القانونية عن أن البنوك في العرف الاقتصادي العام، وفي نص التشريعات القانونية أيضاً هي خط الحماية الأول، والمؤشر الأوضح لمستوى الأمن والاستقرار المالي، وعليها مسؤولية كبرى في حماية وتنظيم الأمور المالية للأفراد والمنشآت، يبدأ ذلك من المصارف والبنوك الخاصة، وينتهي بالبنك المركزي العام، يمكننا مثلاً أن نرى تأكيد هذا الدور بالغ الحساسية في نظام البنك المركزي السعودي، الذي تضمن في المادة الرابعة منه شرح بعض مهامه الجوهرية ومنها « اتخاذ الإجراءات والتدابير المناسبة للحد من ارتكاب الجرائم المرتبطة بالمؤسسات المالية.» وفي هذا السياق – نفسه – صدرت عدة تشريعات لإحكام الرقابة والحماية لكافة العمليات البنكية والمالية كنظام مراقبة البنوك، ونظام المعلومات الائتمانية، وغيرها من التشريعات والقواعد بالغة الدقة والوضوح في غايتها الأهم التي هي الأمن المالي وكل ما يوصل إليه من وسائل وأدوات، والحد من جرائم الاحتيال والاختلاس والاستيلاء – غير المشروع – على الأرصدة والحسابات.

ثانيا كيف يتصرف العميل المتضرر في حالة شعوره بالمماطلة والتسويف من قبل البنك والمركزي؛ أن هناك إجراءات قانونية معروفة للشكوى من كافة المخالفات المصرفية، تبدأ بالتظلم المباشر للإدارة المعنية ببنك العميل وتنتهي بدعوى أمام لجنة الفصل في مخالفات نظام مراقبة البنوك، وهي لجنة مخولة بالبت في المخالفات وإيقاع العقوبات والجزاءات الرادعة على البنوك والمصارف، ولكني أعتقد أنه من الأهمية القصوى التركيز على الجانب الوقائي قبل النظر في الجانب العلاجي أو الجزائي، وإذا كنا نتحدث عن عمليات النصب والتضليل والاستيلاء على أموال الحسابات، فنحن نتحدث أيضاً عن نقص الوعي أو التساهل في إفشاء المعلومات المصرفية، أو التعامل مع جهات غير موثوقة، الأمر الذي يجعل كافة الجهود المبذولة لحماية الحسابات تذهب أدراج الرياح، المسؤولية هنا مشتركة بين البنوك والمصارف، والمستفيدين لا يمكنك أن تحمل البنك إهمال المستفيد وتقصيره في حماية معلوماته متى كان ذلك سبباً في تعرضه للخداع والنصب، الأمر يحتاج الكثير من الوعي والانتباه لحساسية المعلومات المصرفية، الأمر هنا متعلق بالوقاية، والوقاية متى وجدت سنستغني عن العلاج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *