شباب

عاشق الشياهين

جدة ـ ياسر بن يوسف

تمكنت المملكة من تحقيق التوازن البيئي وحماية الطيور المهاجرة من خلال مجموعة من البرامج والقوانين المنظمة لصيد تلك الطيور، لاسيما الصقور، وما يرتبط بها من هواية تراثية متوارثة جيلاً بعد جيل.

وكان نادي الصقور السعودي قد أطلق من قبل برنامج “هدد” لإعادة الصقور إلى بيئاتها الطبيعية، مما يرفع مستوى الوعي بدور الصقور المستوطنة والمهاجرة، ويدعم تكاثرها، ويحافظ على الحياة الفطرية والسلالات النادرة بشكل مستدام. واتساقا مع هذا الاهتمام طوّع الصقار السعودي محمد سعد آل حمسان الشهري خبرته التي تناهز 45 عاماً لخدمة برنامج “هدد” الذي أطلقه نادي الصقور السعودي لإعادة الصقور إلى بيئاتها الطبيعية ومواطنها الأصلية، حفاظًا على السلالات النادرة من الانقراض واستدامة الهواية التراثية.

وبيّن الشهري -البالغ من العمر 66 عاماً- أنه قضى عمره برفقة الصقر رفيق الدرب وشريك الحياة، الذي يشكل له مصدر رزق في محافظة النماص بمنطقة عسير، فكان يطرح الصقور (يصيدها) ويبيع القرانيس منها، أي الطيور التي تجاوز عمرها عاماً، ويبقي الفروخ، الطيور صغيرة السن أو يعيد إطلاقها مجدداً. وأكد الصقار الشهري أن خبرته في المواكَر (الأعشاش) أهّلته لأن يسهم في برنامج “هدد”، فهو يمتلك نحو 20 ماكرًا في النماص، تحتضن 40 صقرًا، وتنتج نحو 30 فرخًا سنويًا، ويعدّها تجارة له.

وفي سؤال عن برنامج هدد قال إنه مسؤول عن متابعة ثلاثة مواكر تحتضن ستة أزواج من صقور الشاهين الجبلي، وهي من الصقور المستوطنة في الجزيرة العربية منذ القدم، مبينًا أنه منذ إطلاق البرنامج داخل المملكة في 15 موقعا متوزعة على ثماني مناطق إدارية، كان يتابع تلك المواكر يوميًا، حرصًا على سلامتها، ويصورها، ويضع الحجول في الفروخ التي تنتج عن تزاوج الصقرين في الماكر، ويحميها من الأشخاص الذين يترددون على مناطقها ويحاولون اصطيادها أو إزعاجها، مبينًا أن المواكر الثلاثة التي يتابعها تمكنت من إنتاج 10 فروخ.


وتناول الشهري رحلة الصقر في برنامج “هدد” التي بدأت منذ أن شارك الصقارون السعوديون بطيورهم دعماً للبرنامج، وتبدأ الرحلة بعد تهيئة المواكر (الأعشاش) في مناطق حيوية بالفرائس والطرائد الحية، وتوضع أنثى الصقر (قرناسة) في كل ماكر، حيث تتزاوج مع ذكور الصقور في الطبيعة، لتضع بيضها في شهر فبراير من كل عام، ويحمي الزوجان تلك البيوض مدة 45 يومًا، ولا يغادران الماكر أبدًا، يغادر أحدهما فقط للصيد وجلب الغذاء، وحينما يفقس البيض تخرج الفروخ، لتبدأ مرحلة تعليمها الطيران، وتستغرق العملية نحو شهرين تقريبًا.

ويروي الشهري أن متابعة هذه الصقور وحياتها تشكل متعة له، فهذه الطيور تتشابه في تفاصيل حياتها مع حياة الإنسان، مثل التعلم رويدًا رويدًا، وتبدأ من تعلم الطيران مسافة 50 مترًا فقط، ثم تزداد المسافة تدريجيًا، وتشبه مرحلة حبو الطفل والمشي، وكذلك يتعلم الفرخ من أمه صيد الفرائس وأساليبها وتشبه عملية تعليم الشخص الاعتماد على نفسه في المأكل والمشرب، وكذلك تتشابه الصقور في طبعها مع البشر، فهي تحب العش ومكانها الذي تعيش فيه وتبقى هناك تتزاوج كل عام. ويختلف أسلوب التربية للصقور في أوروبا عن العالم العربي بشكلٍ كبير إلا أنها تتشابه في بعض التفاصيل كتربيته في استخدام بعض الأدوات التقليدية، فبعد الأزمة البيئية أصبحت الصقور تُربى وتُدرب وتتكاثر داخل محميات خاصة ويتم تدريبها على طرق الصيد داخل المحمية تارة وتطلق في البريّة تارة أخرى، أما في بلجيكا وبالرغم من اهتمام شعبها بالصقور عادةً ما يُترك الصقر وحده، يبني عُشه بالقرب من البشر ويتكيّف بسهولة بالعيش في بيئتهم، كما يُسمح اليوم للهواة بتربية الصقور وممارسة الصيد بها في المملكة المتحدة دون الحاجة لإصدار ترخيص شريطة أن يلتزم المُربي والصيّاد بالأنظمة المرتبطة بذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *