متابعات

النفقة تصفية حسابات بعد الانفصال

جدة ـ نجود النهدي

مع وصول العلاقة بين الزوجين إلى مرحلة اللاعودة، قد يظن البعض أن الطلاق نهاية المطاف، وبداية لحياة نقية من المنغصات، ولا يعي الطرفان فيها أنهما على موعد مع حلقات جديدة من مسلسل الخلافات والصراعات مثل حق النفقة، وغالباً يكون الطرف الأضعف فيها والضحية هم الأبناء، الذين يُستغلون كأسلحة يستخدمها الطرفان لتصفية حساباتهما مع بعضهما البعض، ما يؤدي إلى تبعات نفسية كثيرة عليهم.

وأكد مختصون لـ”البلاد” أن ظاهرة الطلاق من القضايا التي لها تداعياتها وآثارها السلبية على الفرد والمجتمع، وأنه لا يمكن القضاء عليها بتاتاً فهذه سنة الحياة، وعقب انفصال الزوجين فإن قضايا النفقة تصبح بمثابة تصفية للحسابات بين بعض الأزواج حيث تشتعل الصراعات بين الزوجين ليدخلا فى معركة تصفية الحسابات، ويمضي كل منهما في طريق الانتقام، كما أن قضايا النفقة من أكثر القضايا حساسية لما لها من علاقة بحياة أطفال.

واستطردوا أن النفقة هي حق واجب على الزوج مهما كان وضعه المادي ، حيث أنها لا تسقط حتى إذا انفصل الزوج عن زوجته بل يتم تأكيدها حتى لا يصبح الأبناء عالة على الآخرين، وبعيدا عن الأذى النفسي الذي يعانون منه بعد انفصال الأبوين ، فبعض الأحيان قد ينتج ضرر كبير على الأبناء، فهناك قد يحدث أن بعض أولياء الأمور يتركون أبناءهم ولا يحاولون التواصل معهم بشتى الطرق ما يؤثر على حياتهم ونشأتهم.

وأضافوا أن السنوات الأخيرة شهدت خطوات متسارعة في ما يتعلق بحقوق المرأة أمام المحاكم السعودية، واعتبرت قضايا النفقة والحضانة الأكثر حضورا في محاكم الأحوال الشخصية.

تقول أم “سارة ” انها إمرأه مطلقة وموظفة وهي أم لطفل، وقد طلقها زوجها وتزوج بأخرى ، وحينما طالبته بالنفقة رفض قائلاً انها موظفة تستطيع ان تصرف على طفلها فتقدمت بشكوى ضده وبانتظار اصدار حكم يلزمه بدفع النفقة لطفله.
وذكرت أم عبدالله وهي أم لأربع أطفال وربة منزل انه ليس لديها عمل وقد طلقها زوجها ورفض دفع النفقة فرفعت شكوى ضده وألزمته المحكمة بدفع النفقة لابنائه.

وفي سياق امتناع بعض الآباء عن دفع النفقة لابنائهم قالت الدكتورة المحامية سارة أحمد العديني: مسائل النفقة من اختصاص محكمة الأحوال الشخصية، والإجراء المتخذ في دعاوى النفقة والأحوال الشخصية هي إحالة الدعاوى مباشرة لمكاتب صلح داخل المحكمة تم إنشاؤها من قبل وزارة العدل، وفي حال تم التفاهم بين الأطراف على مبلغ النفقة يحسم الموضوع وإن لم يتم التفاهم فيتم إحالتها للقاضي.

والقضاة يأخذون بالاعتبار عدة معايير لتقدير النفقة من دخل الزوج ومكانته وممتلكاته والتزاماته وغيرها ويتم ذلك بمخاطبة مؤسسة النقد والبنوك والجهات اللازمة للاستعلام وجميع ما سبق اجراءات الكترونية لا تستغرق الكثير من الوقت في وقتنا الحالي بفضل حكومتنا الرشيدة.

عقوبة الحبس
وفيما يتعلق بالعقوبات التي من الممكن أن تلحق الزوج المتهرب من تأمين النفقة بعد صدور قرار قضائي يلزمه بذلك قالت: الامتناع يعرضه للعديد من العقوبات قد تصل لاستصدار عقوبة حبس بحقه من دائرة التنفيذ مع الأخذ بالاعتبار التدرج في العقوبات من إيقاف الخدمات والمنع من السفر.
ولفتت إلى أن الامتناع عن النفقة يعد من إحدى صور العنف الموجه للأطفال والتي يترتب عليها عقوبات بالسجن والغرامة المالية أو بإحدى هاتين العقوبتين على الممتنعين وفقا لما نصت عليه المادة ١٣ من نظام الحماية من الإيذاء.
واستطردت: لا ننكر وجود مثل هذه الحالات لكنها لا تعد ظاهرة والأنظمة تقف لها بالمرصاد وتعالجها لاسيما بعد تعميم وزير العدل بشأن اعتبار الامتناع عن النفقة أحد صور العنف الموجه للطفل وأهمية اتخاذ الاجراءات النظامية بحق الممتنعين.
كما أن من ضمن الأمور التي عالجها النظام لمثل هذه الحالات التي تواجه مشكلة مماطلة المنفق إنشاء صندوق للنفقة وهو صندوق مالي مقره في وزارة العدل يضمن وصول النفقة للفئات المستحقة في حال توافر الشروط المنصوص عليها للمستحقين.
وأضافت أنها سبق وأن ترافعت في قضية امتنع فيها المنفق عن دفع النفقة بالرغم من صدور حكم قضائي بذلك وانتهى الأمر بإحالته للنيابة العامة واتخاذ كافة الاجراءات النظامية وانتهى الأمر بإجباره على دفع النفقة.

متاعب نفسية
أما انعكاس ذلك على الأسرة والطفل ومستقبله فقال: تتسبب المماطلة في إعطاء الابن النفقة إلى متاعب نفسية على المطلقة وأبنائها وتؤدي إلى شيوع حالة القلق التي قد تؤدي إلى الاكتئاب كما ينعكس ذلك على عدم استقرار الاسرة وقد يؤدي إلى وقوع خلافات بين عائلة الأب وطليقته جراء ذلك، وهذا يفاقم المشكلة ويؤدي إلى حالة من الاضطراب الأسري يدفع ثمنها الأبناء والبنات وأمهم المغلوبة على أمرها وللأسف فإن بعض الأزواج المطلقين يرى أن الضمان الاجتماعي كافيا لالتزامات أبنائه فيزيد من المماطلة وهو لا يعلم أن عليه حق النفقة الواجبة وتوفير التزامات أبنائه فالزوجة وراءها إيجار ومصاريف أكل وشرب وكهرباء وماء ومواصلات وتعليم وصحة.

ومن ناحية أخرى فإن ذلك يولد الكراهية في قلوب الأبناء نحو والدهم وقد يزيد معهم القلق والتوتر فيصابون بأمراض نفسية واعتلالات سلوكية مستقبلية اضافة إلى أن عدم توفر النفقة قد تتسبب في جنوح متوقع للأحداث منهم في سلوك مضاد وعشوائي وسلبي لمواجهة الاضطرابات التي تعصف بالأسرة.
انعكاسات القضية
وأكد الأخصائي الاجتماعي عبد العزيز الزهراني أن عدم الوفاء بالنفقة من قبل الاب تجاه ابنائه له انعكاسات على الأبناء والأم فهي تبقى جزءاً من الانتماء الأسري فهي حفظ للأبناء فيما تبقى لهم من الحرمان الابوي وهي جزء من ما تبقى لهم من مودة وتراحم.
وفيما يتعلق بالحلول الكفيلة لتجنيب ووقاية الأسرة من ضغوط الزوج الذي يستخدم النفقة للانتقام من طليقته وابنائه قال: لابد من تذكير الأب بأن النفقة ليست موضوعا اختياريا فهو حق أوجبه الله على الأب مهما كان وضعه المادي ولا يسقط هذا الحق بانفصال الأبوين بالإضافة إلى تذكيره بالانعكاسات النفسية والاجتماعية التي يتعرض لها، الأبناء حال مماطلته في النفقة قد تؤدي بهم إلى الجنوح وارتكاب الجريمة وتكون العواقب غير محمودة على جميع أفراد الأسرة.

تطور كبير

ومن الناحية النفسية ذكر المستشار النفسي والسلوكي” عبده الأسمري” الاسباب الخفية وراء هذا السلوك الذي يتورط فيه بعض الأزواج؛ بقوله : بعض الازواج مع الاسف يصفي حساباته بعد الطلاق عن طريق حرمان ابنائه من النفقة وهذه مشكلة مزمنة تقتضي إلزامه وايضاً التسريع في مطالبته بذلك والحمد لله فإن سلك القضاء يشهد تطورا كبيرا وهنالك خدمة التقاضي عن بعد التي يسرت على أطراف القضايا حضور الجلسات براحة وطمأنينة وهذه تنعكس ايضا على الجوانب النفسية في المجتمع وايضاً السلوك الايجابي في التعاطي مع هذه القضايا. كما أنه من اسباب الامتناع عن النفقة هو ان بعض الأزواج الآباء إما أن يكون متورطا في تعاطي المخدرات أو من الأشخاص الذين يمارسون الضغط على زوجته السابقة وأبنائه فيلجأ للضغط عليهم بأسلوب وسلوك مخالف للدين والمنطق كما أن هنالك شخصيات تعاني من أمراض نفسية أي خلل في السلوك مما يجعل النفقة وسيلة ضغط وطريقة لتصفية الحساب وانتقام، وايضاً فإن البعض يتمادى في إرسال مبلغ دون المطلوب وآخرين وللأسف يصل بهم سوء التعامل إلى سلب أوراق الابن الثبوتية فيمنعه من التعليم والعلاج وهذه كلها اساليب تؤكد وجود خلل في شخصية الطليق ولابد من دراسة مستفيضة لهذه الظاهرة وأيضاً من المهم أن يعرف المجتمع بعقوبات الشرع والنظام في ذلك حتى لا تزيد الحالات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *