متابعات

المملكة وعمان .. رؤى متطابقة وشراكة استراتيجية والتنمية على رأس الأولويات

البلاد – مها العواودة

أكد مسؤولون واقتصاديون عمانيون أن الزيارة الأولى لجلالة السلطان هيثم بن طارق للمملكة العربية السعودية ولقاءه بأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ، تحمل دلالات قوية لمتانة العلاقات المشتركة بين البلدين وثقلهما على مختلف الأصعدة ، ولما يمثلان من دور مهم في تحقيق الاستقرار على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي.

وأوضح حمود بن علي الطوقي رئيس تحرير جريدة الواحة العمانية والمختص في الشأن الاقتصادي ، أن العلاقات الاقتصادية المتينة بين الرياض ومسقط قائمة على الرؤى الوطنية الحكيمة لكل من البلدين الشقيقين والتي من شأنها تعزيز التنويع الاقتصادي ورفع حجم التبادل التجاري من خلال الخطط التنفيذية وبرامج التحول المنبثقة عن الرؤيتين الطموحتين.
ولفت إلى وجود رغبة مشتركة جادة في رفد العلاقات الاقتصادية والتجارية لتنمية العلاقات بين البلدين الشقيقين. مؤكدا أن السلطنة رحبت بتفعيل ورفع مستوى العلاقات إلى إقامة مشاريع تجارية ذات قيمة مضافة فيما أعلنت المملكة رغبتها عن استثمار بنحو ١٥٠ مشروعا باستثمارات تقدر بنحو مليار ونصف مليار ريال عماني ، مما يسهم في تعزيز البنية الاقتصادية العمانية وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين .

وأكد أن البنية التحتية العمانية جاهزة لاستقبال المزيد من الاستثمارات السعودية ذات القيمة المضافة ويمكن ان تترجم سلطنة عمان جديتها ورغبتها بتعزيز الميزان التجاري وتفعيل حجم المبادلات التجارية والاستثمارية المختلفة حيث يشجع دخول المشاريع السعودية توفر المناطق الاقتصادية الحرة في كل من صحار وصلالة والدقم وهذه المناطق مكتملة الأركان وجاهزة لإقامة اي مشاريع بمختلف الأحجام سواء كانت صناعية أو سياحية أو زراعية ومشاريع الطاقة المتجددة وكذلك المشاريع المتعلقة بالخدمات اللوجيستية وهذه الأخيرة قد تكون فرصة مشتركة حيث أطلقت المملكة العربية السعودية استراتيجية النقل والخدمات اللوجستية وتالع”هذه تعتبر فرصة سانحة للبلدين بعد الاعلان عن فتح الطريق البري الذي سيربط بين البلدين الشقيقين وسيكون هذا الطريق المنفذ المهم لانتقال السلع وبالتالي سينعكس ذلك على تنمية ورفع حجم العلاقات والمبادلات التجارية بين البلدين.

وقال إن حكمة القيادتين رسمت خارطة الطريق لجعل العلاقات بين الشقيقين مصدر فخر واعتزاز، وبالامكان أن تثبت هذه الاستثمارات السعودية الصخمة اقدامها في المناطق الحرة العمانية خاصة منطقة الدقم الاقتصادية ويمكن من خلال هذه الاستثمارات خاصة في مشاريع الطاقة والبتروكيماويات والخدمات اللوجستية سيعيد الروح من جديد لاعادة احياء مشروع القطار الخليجي، مؤكدا وجود جهود تبذل ورؤية مشتركة ستخلق فرص عمل لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بين البلدين كما ستسهم في انتقال الخبرات بين البلدين وبذلك ستتمكن كل من السلطنة والمملكة العربية السعودية من تحقيق متطلبات رؤية عمان ٢٠٤٠ ورؤية المملكة ٢٠٣٠ .


تكامل وثيق
في السياق قال محمد السيفي رئيس قسم الاقتصاد بوكالة الأنباء العمانية للبلاد إن العلاقات بين السلطنة والمملكة العربية السعودية علاقات متميزة وراسخة في مختلف المجالات حيث تعد المملكة من أهم الشركاء التجاريين للسلطنة وجاءت خلال العام الماضي 2020 م في المرتبة الثانية في قائمة أهم الدول المستوردة للصادرات العُمانية غير النفطية، وفي المرتبة الرابعة من حيث إعادة التصدير، وجاءت في المركز الخامس في قائمة الدول التي تستورد منها السلطنة.

كما لفت إلى أن إشارة إحصاءات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات بان إجمالي حجم التبادل التجاري بين البلدين قد بلغ حوالي ( 960) مليون ريال عُماني خلال العام الماضي 2020م مقارنة بـ 506 ملايين و279 ألف ريال عُماني في عام 2010م يؤكد عمق العلاقات التجارية.


من جانبه قال الخبير الاقتصادي العماني د. يوسف البلوشي إن العلاقة الاقتصادية العمانية السعودية تتجه إلى مرحلة شبه حتمية لضرورة انتقالها إلى شكل من التكامل الوثيق وهو أمر ذو أهمية لتمكين اقتصاد البلدين، وأن هذا التكامل سيشكل أحد أهم المحفزات في الوصول إلى رؤيتي البلدين ، مشيرا إلى أن المؤشرات الاقتصادية في ظروف هذه العلاقة تدلل على الرغبة القوية في هذا التحول المستلهم من رؤية (عمان 2040) و (المملكة 2030) والتي تأخذ المنطلقات ذاتها بالأخص في الجانب الاقتصادي.

وتابع: الجدير بالاشارة أن السلطنة اقتنصت حصة توازي 7.32% من إجمالي حجم التبادل التجاري غير النفطي بين المملكة العربية السعودية ودول الخليج في الربع الأول لعام 2021، في حين يشكل التكامل بين حجم الاقتصاد السعودي الذي يعوض محدودية حجم الاقتصاد العماني بالمقابل أحد الحلول أو المخارج الحقيقية التي من شأنها أن تنقل هذه العلاقة الاقتصادية المؤملة إلى مستوى مثمر، حيث يبلغ الناتج المحلي الاجمالي لاقتصاد السلطنة 24.8 مليار ريال عماني، أما السعودية كأحد أعضاء مجموعة العشرين تمتلك ناتج محلي اجمالي يبلغ 2.531 تريليون ريال سعودي، وبالنظر للفارق الكبير مابين الارقام المطروحة يتضح حجم الفرص التي يمكن توظيفها في هذا الشأن “. وحول أول خط بري مباشر بين الدولتين دون الامارات، قال ان هذا في حد ذاته مكسب استراتيجي، ناهيك عن ما سيختصره هذا الطريق من مسافات واجراءات وتكاليف، كما سيساعد على تعزيز المشترك الثقافي والاجتماعي للشعبين الشقيقين ، وصولا الى احتمالية تطوره الى مشروع ربط خط قطار عماني – سعودي مشترك.


اتفاقيات تعاون
من جهته أكد حاتم بن حمد الطائي عضو مجلس الدولة العماني للبلاد أن هذه الزيارة التاريخية الهامة تعكس مستوى التعاون المشترك و المتواصل على أعلى مستوى بين البلدين الشقيقين وتبشر بآفاق واعدة في مختلف مجالات التعاون ، مشيرا إلى أن أهمية هذه الزيارة لا تتوقف عند حدود العلاقات الاقتصادية بل تمتد إلى أبعاد سياسية تهدف لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة وكذلك ضمان توظيف الطاقات والموارد المالية والبشرية من أجل تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة ، لافتا إلى أن الزيارة ستشهد توقيع عدة اتفاقيات بين البلدين تتعلق بالتجارة والاقتصاد والاستثمار و مجالات الثقافة والرياضة والشباب ستسهم في مزيد من التوطيد في العلاقات الثنائية.


من جانبه يؤكد عاصم الشيدي رئيس تحرير جريدة عمان أن العلاقات العمانية السعودية علاقات متطورة، بنيت على أسس قوية ، وستعزز الزيارة الشراكة وجوانبها التي ستكون حاضرة أمام الزعيمان الكبيران في قمتهما المرتقبة في مدينة نيوم ، مؤكدا أن مسيرة العلاقات بين السلطنة والمملكة ستكون أنموذجا يمكن البناء عليه في العلاقات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *