اجتماعية مقالات الكتاب

منصة وطنية للمتقاعدين

إن شريحة المتقاعدين هي إحدى شرائح المجتمع المهمة التي تعتبر منجماً وكنزاً للخبرات الطويلة، حيث يطلق عليهم الموارد البشرية المتراكمة الذين اكتسبوا تجارب واسعة وعايشوا متغيرات مختلفة إبان فترة عطائهم، لذا فقد توفرت لديهم معرفة كبيرة بالمشاكل والحلول ومواجهة التحديات وصنع النجاحات، فالمتقاعد والمتقاعدة كوادر ساهمت بقوة في بناء الوطن وغالباً ما قد يكون لديها القدرة بخبرتها على العطاء في مواقع أخرى مرتبطة بالتخطيط والرؤى والمرئيات.

وفي سبيل الحفاظ على تلك الخبرات والكفاءات واستثمارها والاستفادة منها وعدم تجاهلها وحرمان الوطن من خبرات خلاقة، بخلاف المشكلات النفسية التي قد تصيب البعض منهم نتيجة الشعور بالتهميش والعزلة، فإنني أقترح تأسيس مجالس استشارية في مؤسسات القطاع الحكومي والخاص بجانب قيام مجلس خبراء من شتى التخصصات للاستفادة من خبراتهم، فضلاً عن أهمية وضع قاعدة بيانات تحوي كافة المعلومات المتعلقة بالمتقاعدين وتخصصاتهم حتى يتسنى الاستعانة بهم متى ما استدعت الضرورة ذلك، كما يمكن الاستفادة منهم في إعداد البحوث والدراسات كل في مجال تخصصه، وإنشاء منصة وطنية تضم كافة الخبرات والتخصصات التي يتمتع بها المتقاعدون والكفيلة برفد عملية البناء الوطني وربطها بمؤسسات القطاع العام والخاص الراغبة في الاستعانة بهم، وفي هذا الإطار يمكن الاستفادة من تجارب بعض الدول في مجال الاستفادة من خبرات المتقاعدين والاهتمام بهم وإشراكهم في الجهد التنموي للوطن.

أما بشأن رعايتهم والاهتمام بشؤونهم فيمكن تقديم تسهيلات لهم بما يعينهم على مواجهة متطلبات الحياة كالخصومات عند الشراء وغيرها كما هو الحال في بعض الدول، وتخصيص مراكز ومنتديات خاصة بهم لإشباع هواياتهم، بجانب إمكانية النظر في تعديل رواتبهم بما يتماشى مع مستويات المعيشة أسوة ببعض الدول، فضلاً عن توعية المتقاعدين في الاستفادة من وقتهم واستغلاله في الأنشطة التثقيفية والرياضية والسفر والقراءة وغيره، بجانب أهمية التواصل معهم بشكل أكبر.

وأخلص إلى أن الاستفادة والاهتمام بالمتقاعدين أمر تحدده ظروف المجتمع وحاجته للتنمية وأن كل الخطط والبرامج الهادفة إلى الاستفادة من هذه الشريحة المجتمعية المهمة تساعد على عملية تواصل الأجيال ونقل الخبرات بينها وبين جيل الشباب، ولا بد من الإشارة إلى بعض الجهات التي تُعنى بهذه الشريحة في بعض دول العالم كهيئة الخبراء المسنين في ألمانيا وجامعة المتقاعدين في اليابان وبرنامج المرافق الكبير الأمريكي، ولا ننسى في هذا الصدد الأدوار الرائدة التي تضطلع بها الجمعية الوطنية السعودية للمتقاعدين بجانب أدوار المؤسسة العامة للتقاعد، وختاماً فإن كل مشروع عظيم في الوطن وراءه متقاعد أو متقاعدة.
باحثة وكاتبة سعودية
J_alnahari@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *