عندما نتحدث عن العميل وراحته .. نقصد تجربة العميل .. توقعاته .. العائد من التعامل مع الشركة .. مثل الوقت والجهد .. والراحة النفسية أو الرضاء .. وتتجسد هذه المعاني من خلال جميع تعاملات العميل مع الشركة ومحطات الخدمة التي يمر بها.
أثناء تحضيري لهذا المقال .. لفت نظري موقف نقاش حديث .. كاريكاتوري .. بين عملاء وموظف إدارة ألعاب الخوف والإثارة .. وأقصد العربات المعلقة .. والتي تنزلق في حركة دائرية صعودا وهبوطا .. وسأل الموظف أفراد المجموعة التي كانوا في العربة في نهاية الرحلة .. هل استمتعتم وأحببتم اللعبة .. وهل ترغبون في العودة مرة أخرى وتكرار التجربة. ؟!
فأجابه احدهم قائلا .. لا شكرا .. لم تكن اللعبة مسلية ومريحة .. لقد أصابتنا بالدوار والغثيان ؟!! والمقصود هنا .. أن العميل يريد التسلية والمرح والراحة .. دون غثيان أو دوار .. أي انه يريد الإثارة بشروطه ومواصفاته ومتطلباته .. وهذا ما نقصده ونعنيه بالراحة.
لذلك يجب أن نفرق بين مفهوم خدمة العميل .. وبين تجربة العميل وراحته. وقرأت لوحة اخرى تعلن عن مواعيد العمل لأحد المحلات التجارية .. تقول اللوحة .. نحن نعمل عندما يحتاجنا العميل .. والمقصود هنا أننا نعمل طوال ايام السنة ليل نهار ( 24 * 7 * 365 ).
وأمر آخر هو كلمات المرور الخاصة بمواقع شركات الطيران والبنوك وغيرها .. ففيها الكثير من التعقيد والتغيير وانتهاء الصلاحية .. وخصوصا عندما يود العميل أن ينجز معاملة بنكية سريعة .. أو يقوم بعملية حجز لمقعد على شركة الطيران .. يتفاجأ بأن الأرقام السرية وكلمات المرور قد توقفت عنوة من الجهة المعنية بدعوى متطلبات المزيد من الأمان ..ولك أن تتخيل الجهد والوقت المطلوب من العميل لإعادة برمجة كلمات وأرقام المرور.
وبالرغم من حسن نوايا هذه الجهات في حماية خصوصيات عملائها من عمليات النصب والاحتيال .. إلا أنها لم تدرك أن هذه النوايا ومفاجآتها .. تنعكس سلبا على راحة العميل .. وتوقعاته وتجربته .. حيث أن العملاء لهم مواصفاتهم وشروطهم فيما يخص ( الراحة) وأقصد الراحة بشروط العملاء .. وليست بما ترسمه الشركات من أنظمة وإجراءات معقدة في حق عملائها.
وهناك جانب آخر في خدمات العملاء .. وهو تصميم منشآت الخدمة لبرامج خاصة بهم تضع من خلالها بصمتها كي تؤثر في وعي ووجدان العميل .. إلا أن العديد من هذه الشركات تفتقر إلى الذكاء الفطري في مراعاة أذواق العملاء وما يتوقعونه من تجربة مريحة .. مثل إذاعة موسيقي خاصة صاخبة في المحلات والطائرات ولا ترقي إلي ذوق العملاء .. بل تتسبب في ضجيج وضوضاء تعيق النقاش والحوار بين البائعين والمشترين .. بل تعمل على هروب العملاء من المحلات.
وهذا الأمر أيضا ينسحب على العطور والروائح التي تنثر في المحلات والفنادق .. لذلك أرى ان هاتين البصمتين يجب أن تخضعا لدراسة مدى قابلية استمزاج العميل لها .. والكيفية التي ستريحه.
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة في عشرينيات هذا القرن .. هل نحن نعمل لخدمة العميل أم لراحته .. أم لإرضائه ..؟!
إنني أرى وبقوة .. أننا نعمل لكسب ولائه ؟ ! .. بل نحارب منافسينا كي نظفر ونحظى بولاءات عملائنا.