متابعات

ملاحقة حاملي المؤهلات «المضروبة»

جدة – عبد الهادي المالكي – عادل بابكير – نجود النهدي

أصيب محمد 45 عاما بالحيرة حينما اكتشف أن الطبيب الذي ظل يراجعه طيلة الأشهر الخمسة الماضية، يحمل شهادات مزورة وتم ضبطه بالجرم المشهود واغلاق العيادة ، مثل هذه الوقائع تطفو على متن الاحداث ، ولكنها ليست ظاهرة خصوصا وأن الجهات المختصة تبذل جهودا كبيرة في ضبط حالات الشهادات الوهمية والمزورة في سوق العمل ، وذلك بتأسيس العديد من الهيئات التي أسهمت في خفض نسب الشهادات الوهمية والمزورة في القطاعات مثل “الهيئة السعودية للمهندسين، الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين، الهيئة السعودية للمقاولين، الهيئة السعودية للتخصصات الصحية” وغيرها، إلا أن اكتشاف الشهادات الوهمية المزورة يظهر بين الحين والآخر ويتم ضبط الكوادر المزورة ، خصوصا وأن التداعيات المرتبطة بالشهادات المزورة لا تقتصر على ارتفاع نسب البطالة وحرمان الآخرين من فرص العمل بل تتعداها إلى أضرار اقتصادية واجتماعية. ويلجأ المدلسون إلى الاحتيال والادعاء بحيازة ما لا يملكون أصلا، إما عن طريق التزوير من خلال تغيير مستند رسمي، مثل تغيير الاسم في الشهادة، في حين تتمثل الشهادات الوهمية في شهادات أكاديمية صادرة من جامعات غير معترف بها تنتشر في دول عربية وآسيوية. وأكد عدد من المختصين أن تزوير الشهادات لا يقتصر على الهندسة فحسب بل وصلت عمليات التزوير الى التلاعب بصحة الناس في ظل وجود وافدين يعملون في المجال الصحي بشهادات مزورة حيث انه بين الفينة والأخرى يتم اكتشاف وافد أو وافدة يعملون في المجال الصحي وهم يحملون شهادات « مزورة « في الطب او الصيدلة او التمريض .
واتساقا مع ذلك أعلنت صحة جدة مؤخرا، ضبط عامل وافد يدير عيادة بكيلو 14 في شقة بمنزل شعبي جنوب شرق المحافظة ومخالفة للاشتراطات الصحية وفي حوزته ادوية للاجهاض.

وفي جمادى الاخرة 1442هـ اخضعت مديرية الشؤون الصحية في جدة، عدة عيادات وصوالين تجميل للتحقيق على خلفية انتحال ممثلة تونسية صفة «استشارية تجميل» في إحدى العيادات بمحافظة جدة.
وكانت الممثلة قد ظهرت على قناة عربية وقالت انها عملت استشارية لمدة 6 سنوات في عيادة تجميل دون شهادة أو تصريح للعمل، وأنها كانت خبيرة متخصصة دون شهادة، وسُمحَ لها بالعمل وإجراء العمليات التجميلية.
وفي منطقة الباحة تحفظت الأجهزة المعنية على فني تخدير عمل في وزارة الصحة قرابة 16 عاما بشهادة مزورة . وأوضح الناطق الإعلامي لشرطة الباحة العقيد سعد طراد الغامدي أن الجهات الأمنية لم تقبض على الوافد لكنها تلقت كتابا من المدير التنفيذي بمستشفى الملك فهد حول عدم أهلية المذكور « من جنسية آسيوية » للعمل في المجال الصحي ، مشيرا إلى اتخاذ الإجراءات النظامية لمثل هذه الحالات وإشعار الجهة المختصة .
وفي عام 2014 م تم اكتشاف 3026 شهادة طبية مزورة لممارسين صحيين في المملكة .. مزورو الشهادات الطبية كشفتهم الهيئة من خلال متابعتها الدقيقة للممارسين الصحيين على مدى 23 عاما من إنشائها . حيث يبلغ عدد الممارسين المسجلين في الهيئة حتى عام 2014 (480 ألف ممارس صحي) شكل عدد المزورين في الشهادات الصحية منهم ما نسبته 0.63 % من العدد الكلي.

تزوير الشهادات
وساهمت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد منذ عام 2017 بمتابعة سمو ولي العهد بالكشف عن الكثير من قضايا الفساد والقبض على الفاسدين بتهم مختلفة كان آخرها ما أعلنت عنه هيئة الرقابة ومكافحة الفساد قبل أيام قليلة.
حيث تمت إدانة صاحب سمو ملكي يعمل في وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان و طالب ضابط في إحدى الكليات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع ووافد من جنسية عربية لإنتفاع الأول والثاني من مؤهلات دراسية مزورة وتم استخدامها للحصول على وظيفة حكومية، وكان الوافد العربي وسيط لحصولهمها على تلك المؤهلات المزورة.
وكانت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد أعلنت انه تم الحكم الابتدائي أيضا على لواء في أحد القطاعات الأمنية بوزارة الداخلية وضابط برتبة رائد وضابط صف يعملون في ذات القطاع كما تمت إدانة ضابط برتبة عميد في قطاع أمني آخر بوزارة الداخلية بالإشتراك مع اللواء في سوء العمل الإداري والعمل في التجارة
وصدرت عدة أحكام ابتدائية وقطعية بإدانة عدد من موظفي الدولة ورجال الأعمال ومواطنين ومقيمين وتم إدانتهم بتهم مختلفة. وأكدت الهيئة أنها مستمرة في رصد وضبط كل من يتعدى على المال العام أو يستغل الوظيفة لتحقيق مصلحته الشخصية أو للإضرار بالمصلحة العامة ومساءلته حتى بعد انتهاء علاقته بالوظيفة، كون جرائم الفساد المالي والإداري لا تسقط بالتقادم، وأن الهيئة ماضية في تطبيق ما يقضي النظام بحق المتجاوزين دون تهاون.

شهادات وهمية
وكشف أيضا مؤخرا رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للمهندسين المهندس سعد الشهراني، عن ضبط 3 آلاف شهادة هندسية وهمية ومزورة، في الحملة التي أطلقتها الهيئة للحد من الشهادات الوهمية والمزورة، بالتعاون مع الأمن العام والجوازات، وبعض الجهات الحكومية الرقابية الأخرى. وبين الشهراني أن من بينها 712 شهادة مزورة، وتورط عدد قليل جدا من السعوديين في تلك الشهادات الوهمية والمزورة، الصادرة من جامعات خارج المملكة وجرى تسليمها إلى جهات الاختصاص، لتطبيق واستكمال الإجراءات النظامية المتبعة في حالات التزوير من سجن أو غرامة ومن ثم الترحيل. من جهتها أكدت المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني أنها أوقفت المهندس حامل الشهادة المزورة من أحد مشروعاتها ، وذلك ردا على ما سبق أن أوردته الهيئة السعودية للمهندسين ، بأن المهندس المذكور كان يعمل لدى المؤسسة العامة للتدريب المهني.

الثمن فادح
ويقول الدكتور المهندس علي عثمان مليباري المدير التنفيذي للجمعية السعودية للهندسة المدنية بجامعة الملك عبدالعزيز: لا شك أن العمل بشهادة مزوّرة في أي حقل من الحقول أو أي جهة عمل له مخاطر وتداعيات سلبية، تتفاوت بمقدار حساسية الجهة المعنية، ولو قصرْنا الحديث على المجال الهندسي وبالتحديد في مجال الإنشاء والتعمير، فلا شك أن الخطر سيكون عظيمًا وفادحًا، كونه يتصل بسكن الناس ومأواهم، ومتى ما تولّى هذا الجانب من ليس له معرفة، وحاز على الوظيفة بالغش، والشهادة المزوّرة، فالنتيجة الحتمية أن يقدِّم إنشاءات تفتقر إلى الأسس العلمية التي تُبنى عليها الإنشاءات، وتصبح أي بناية أو منشأة يتولّى أمرها موضعًا قابلاً للانهيار والتصدع عاجلاً أو آجلاً، ولنا أن نتخيّل حجم الكارثة البشرية التي يمكن أن تنجم عن سقوط عمارة سكنية مثلاً تولّى أمرها صاحب شهادة «مضروبة» ومزوّرة، مضاف إلى ذلك الخسائر المادية، والسمعة التي يمكن أن تلحق بمؤسسات الإنشاء والتعمير، وغير ذلك مما نتوقعه من مثل هذه الحوادث والكوارث التي تحدث.

تشويه الصورة والسمعة
في السياق نفسه أوضح المهندس شاكر محمد الحارثي ان خطورة هؤلاء المتخفين في مهن هندسية وخصوصا المعمارية والانشائية تكمن في عدد من المشكلات والتي من اهمها هدر المال الخاص والعام ووضع الانشاءات التي يصممونها ويشرفون عليها تحت خطر دائم على الممتلكات والارواح. وكذلك التنفيذ السيئ بالمواد الجيدة واشاعة ان المنتجات المحلية غير جيدة بسب انعدام الخبرة وايضا في وضع بعض ملاك المبانى ومستثمري العقار في وضع حرج خصوصا في حالة تهالك المبانى في وقت قصير جدا كما ان انعدام الخبرة يزيد من تكلفة العمل ووقت تنفيذه بصورة كبيرة جدا يضعف النواحي الجمالية وانعدامها احيانا في تنفيذ هذه العينة من العمالة والمتخفين في صورة مهندسين بالإضافة الى قصر اعمار المنشآت التي تمت بواسطتهم بالمقارنة بالمنشآت التي تمت بواسطة مختصين.

تزوير وفساد
ويعتبر المحامي والمستشار القانوني فارس الصويان تزوير الشهادات والحصول عليها نوعا من أنواع الفساد في حال تم استغلال تلك الشهادة في الوظائف ويتم المعاقبة عليها وفق النظام الجزائي لجرائم التزوير. ويقول ان مشروع توثيق ومعادلة الشهادات العليا يعطي لوزارة التعليم العالي، الحق في إقامة الدعاوى ضد حاملي الشهادات الوهمية ورفع قضايا ضدهم في المحاكم.
وفي حالة اكتشاف شهادة مزورة يلغى تصنيفها واعتمادها لدى وزارة الخدمة المدنية والجهات ذات العلاقة.

عقوبات المانحين
وعن مانح الشهادة أو التقرير المزور اوضحت النيابة العامة ، أن من يعمد لتغيير حقيقة تقرير طبي أو يمنح تقريرا طبيا كاذبا أو من يشترك في ذلك بالاتفاق أو التحريض أو المساعدة ، يعد مرتكبا لجريمة التزوير ، ويعاقب بالسجن لمدة عام والغرامة حتى 100 ألف ريال، وأشارت النيابة إلى أن جريمة تزوير التقارير والشهادات الطبية يعاقب عليها النظام الجزائي لجرائم التزوير ، الذي ينص على « أن من زور أو منح – بحسب اختصاصه – تقريرا أو شهادة طبية على خلاف الحقيقة مع علمه بذلك ، يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تزيد على مائة ألف ريال ، أو بإحدى هاتين العقوبتين».
ترخيص مزاولة المهنة المهندس صالح العمر المتحدث الرسمي للهيئة السعودية للمهندسين قال تعتبر مهنة الهندسة من المهن المهمة والتي يجب حمايتها من الدخلاء عليها لذلك في عام 2014م تم الربط بين الهيئة والجوازات فأصبح المهندس المقيم والوافد بتأشيرة هندسية لا يستطيع تجديد الإقامة او استخراجها الا بعد التسجيل في الهيئة وللتسجيل يمر بثلاث مراحل وهي: الأولى يقدم المهندس أوراقه المطلوبة من شهادات وخبرات واوراق ثبوتية وغيرها من المتطلبات وبعدها يتم قبوله الا انه لا يحق له ان يمارس العمل لأنه قبول مبدئي، ان الهيئة تحتاج ان تذهب الى مصدر الشهادة لكي تتحقق من البيانات المقدمة من نفس مصدر الشهادة كمرحلة ثانية وبعد وصول نتيجة التحقق هذه يذهب الملف الى المرحلة الثالثة وهي الاعتماد النهائي. ثم فيما بعد في عام 1438هـ صدر نظام مزاولة المهن الهندسية وهذا النظام حمى المهنة من الدخلاء عليها وذلك لإلزامية التسجيل في الهيئة للحصول على ترخيص مزاولة سواء كان المهندس سعوديا او غير سعودي ومن يزاول العمل بدون ترخيص يعرض نفسه للعقوبات كما نص عليها النظام. لذلك حاليا بعد عملية الربط في المهن الهندسية لا يوجد مهندس في الإقامة مزور وحاصل على ترخيص مزاولة مهنة من الهيئة وبالنسبة للزورين فتقع المسؤولية على نفس صاحب العمل وعلى العامل نفسة لان صاحب العمل وظفهم وخالف نظام المزاولة بتشغيل عمل في مهنه هندسية وليس لديه ترخيص. خطورة المهندسين المزورين او الذين لديهم مؤهلات اقل تكمن خطورتهم في قرار واحد يتخذونه وتمتد اضراره الاجتماعية والاقتصادية والبيئية لعشرات السنين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *