اجتماعية مقالات الكتاب

من حقي ألا أُصبِح بديناً

أحزنني كثيراً مشهد ذاك الطفل الذي سمعهم ينادونه ( يا دبة ) ، فحنى ظهره وأجهش بالبكاء ، بل فضل العزلة وخشي من الاختلاط . لقد التقيته في أحد الملاعب المخصصة للجري يمتلئ لطفاً وتهذيباً ، ولكنه أبداً لم يكن فرحاً .كان عمره لا يتجاوز العشر سنوات ووزنه يفوق السبعين كيلوغراماً ، يحاول جهده أن يسبق الجميع ولكنه عبثاً ينتصر عليهم ، فقد انعكس وزنه الزائد على حالته النفسية وعلى نتيجة مباراته معهم ، حيث كان يمشي الهوينا ويلهث أثناء الركض ويتوقف بعد كل حين ، أما رفاقه الذين هم في مثل سنه ، أو أكبر قليلاً ، فكانوا يتمتعون بلياقة بدنية تساعدهم على القفز والوثب والعدو بل وتسلق الجبال وتخطي الحواجز والوديان.

هذا الطفل الضحية، لماذا ترك وحيداً يواجه لوثة التنمر ويذوق ألم السمنة في الوقت الذي كان بالإمكان إنقاذه وهو في عمر أصغر، ألم يدرك الوالدان أن طفلهم وهو – فلذه كبدهم – يجب أن يلعب بهمة ونشاط مثل كل الأطفال وأن وزنه يجب أن يَخُفَ كغيره من الأسوياء .؟! ألم يعلموا أن السمنة الزائدة تشعره بالخوف وتصيبه بالاكتئاب ، كما تؤثر على قوة عظامه ومتانة مفاصله ، وتسبب له مصاعب في الحركة واضطرابات في التنفس وترفع عنده ضغط الدم والكوليسترول ، أليس التعافي من الأمراض والصحة في البدن هو رجاء الأبوين في نهاية المطاف؟ وأن على الأم تقع مسؤولية مراقبة طفلها وسد جوعه فقط من الطعام المحضر في البيت، وليس من الوجبات الجاهزة التي تؤدي إلى تراكم الدهون في جسمه وتفاقم من أزمته في قادم الأيام، وأن عليها تعويده على تناول قطع من الفواكه والخضار ( خس ، خيار ، جزر ، شمندر ، فجل ، ملفوف … ) كبديل عن ألواح الشوكولا وقطع الحلويات المصنعة، وألا تسمح له بالمكوث طويلاً خلف الشاشات الالكترونية كي لا يصاب بالخمول ويقلّ عنده حرق السعرات الحرارية، وأن تشجعه باستمرار على ممارسة الرياضة البدنية التي تلبي رغباته الفطرية وتقوي بنيته الجسدية.

أعزائي الآباء والأمهات: الأطفال هم روح الحياة وهم زينتها وسر تألقها، وهم الثروة الحقيقية التي نمتلكها حين نحسن استثمارها ونرتقي بهم إلى أصحاب الجسم السليم والعقل القويم. احموا أجسامهم من السمنة واتقوا شر مخاطرها وعالجوا البدينين منهم بشكل حاسم وطرق جادة، ولا تترددوا أبداً في استشارة ذوي الاختصاص من أجل اختصار الزمن وتقصير المسافات، فمستقبل الأبناء في أيديكم، وصحتهم يجب أن تبقى أولوية، ومن حقهم علينا أن نكون أمناء على هذا الاستحقاق الانساني طالما حيينا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *