اعتادت الهند على تسجيل عشرات الحالات السنوية من عدوى الفطر الأسود ، لكن هذا العام وتزامنا مع جائحة فيروس كورونا ، تخطت الأرقام المسجلة بهذا الفطر عتبة 7 آلاف إصابة مع إعلان تسع ولايات هندية على الأقل أن العدوى تحولت لديها إلى وباء .
ويعد الفطر الأسود عدوي انتهازية – بمعني أنه يصيب المرضي الذين يعانون من نقص شديد في المناعة. العدوي تبدأ في الأنف والجيوب الأنفية وتنتشر بسرعة شديدة في خلال أيام (أحيانا ساعات) إلي محجر العين وأحيانا إلي المخ والأوعية الدماغية. الفطر يخترق الأوعية الدموية ويسدها مما يؤدي إلي موت (تعفن) الأنسجة المصابة (لذلك التسمية بالفطر الأسود) .
وتصيب العدوى مرضي نقص المناعة مثل مرضي السكري الغير منتظم والأورام والمرضي الذين يتعاطون مثبطات مناعة مثل الكورتيزون وخلافه, ولكننا كنا نراها في هذا القطاع من المرضي بشكل نادر جدا قبل زمن الكورونا ولذلك لم يسمع عنه المرضي -ولم يبدر لأذهان كثير من الأطباء. علاقة الفطر بالكورونا غير مفهومة بدقة فهي تصيب بعض المرضي أثناء الكورونا وبعضهم بعد التعافي من المرض والخروج من المستشفي.
وجودها في الهند ومصر ربما يكون له علاقة باستعمال مرضي الكورونا الزائد للكورتيزون بدون اشراف طبي وفي الحالات الطفيفة والمتوسطة ، الأمر الغير متبع في الأوساط الدولية الذين يقصرون استعماله علي الحالات الشديدة.
لذا يجب عدم استخدام الكورتيزون في مرضي الكورونا الا باشراف طبي في المستشفيات وللمرضي التي تعاني من أعراض شديدة فقط.
الأعراض التي تصيب مريض الفطر الأسود هي ألم شديد في جانب الوجه أو الرأس (صداع) يشبه الم الجيوب الأنفية غير مستجيب للمسكنات مع أو بدون أعراض في العين مثل ضعف الابصار أو ألم خلف العين أو ازدواجية الرؤية أو جحوظ العين أو ورم/سقوط الجفن, وفي الحالات المتأخرة تدهور في درجة الوعي.
التشخيص معتمد علي الشك والتشخيص المبكر يؤثر كثيرا علي نتائج العلاج لذلك، و التشخيص يعتمد علي الأشعات: مقطعية علي الوجه والجيوب الأنفية مع أو بدون رنين أو صبغة للأوردة علي حسب احتياج الحالة.
كما أنه يجب إذا كنت مريضا بالكورونا أو تعافيت مؤخرا وتعاني من سكري غير منتظم أو تعاطيت أدوية مثبطة للمناعة مثل الكورتيزون أو الكيماوي وظهرت عليك الأعراض السابقة – سرعة التوجه لاستقبال الطوارئ.
إذا كنت طبيبا تتعامل مع أحد المرضي السابق ذكرهم – عدم أخذ الأعراض باستهانة وطلب الأشعة المقطعية لاستبعاد العدوي بالفطر والمتابعة علي فترات قريبة.
علاج مرضي الفطر الأسود يحتاج إشراف مجموعة تخصصات: الأنف وأذن والرمد والتجميل والأشعة والأعصاب, ولذلك يكون في المستشفيات التخصصية وليس المراكز والعيادات. العلاج يتمثل في مضاد للفطريات بالوريد مع جراحة لإزالة الأنسجة الميتة من الوجه ومحجر العين (وأحيانا للأسف ازالة العين بتكون الحل الوحيد) مع رفع مناعة المريض. المريض عادة يحتاج لدخول رعاية مركزة. نسب الوفاة عالية تصل إلي نصف الحالات.
كما يجب تحويل حالات الفطر الأسود عند التشخيص لمراكز تخصصية لأخذ فرصة العلاج القصوي لإنقاذ الحياة ثم إنقاذ أنسجة الوجه المتبقية.