قضية

من فضلك لا تصورني

 البلاد ـ رانيا الوجيه ـ مها العواودة

ليست فئات المجتمع جميعاً من يملكون ثقافة احترام الخصوصية وعدم انتهاك حقوقهم كالتصوير بدون إذن، ويحدث ذلك في الأماكن العامة كالمطاعم والمراكز التجارية والمتنزهات، بالإضافة إلى قاعات الأفراح والمناسبات، حتى باتت سمة الكثير وبدون تعقل متجاوزين الحالات الخاصة وكذى الخصوصية وأمام هذا العبث لابد من إيجاد وسن وتطبيق القوانين الرادعة لتعيد للإنسان خصوصية وحقوقه أينما كان، تابع الجميع قضية السيدة بائعة الخضار والذي أقتحم خصوصيتها أحد المتطفلين. وتقول سارة السلطان 33 عاما، معلمة للمرحلة المتوسطة ، إنها تعرضت ولأكثر من مرة إلى التصوير رغم عدم رغبتها خلال حضورها للأفراح، وتضيف : حين أواجه تلك المواقف لا أبادر بالشكوى أو الشجار فبكل هدوء أذهب إلى السيدة التي قامت بالتصوير وأطلب منها أن تقوم بمسح الصورة أمامي وعدم تكرار الأمر مرة أخرى وفي الأغلب أجد تجاوبا سريعا.

تصوير الموتى
ويؤكد عماد السبحي (موظف قطاع خاص) على انه من الضروري أيضا أن يكون هناك نظام يفرض على الأشخاص الذين يفتقرون للآداب والذوق العام وتصوير الآخرين دون علمهم ويقول: في بعض الأحيان يكون التصوير من اجل السخرية من الآخرين لهدف الإضحاك ، وهذا مخالف للقيم الأخلاقية والإنسانية ، وبالرغم من أن استخدام الأجهزة الذكية تجاوز فترة طويلة من الزمان، وفرض الوضع على المستخدم شيئا من المسؤولية نجد البعض قد ينشغل بتصوير من يشرف على الموت بدلا من إنقاذه، مما ظهر أشخاصا غير مسؤولين يتفاعلون مع أي حادث بتصويره بدلا من التدخل في حل المشكلة الواقعة.

فوضى
وتقول رنا باجوده إحدى الناشطات في مواقع التواصل الاجتماعي: لم تعد هناك خصوصية ويتم نشر أي صور على في مواقع التواصل الاجتماعي بكل حرية ، ولذلك يجب ان يتم وضع قوانين وعقوبات على من يمارس مثل هذه التصرفات غير الأخلاقية ، أما على الصعيد الشخصي كموثقه وناشطة على وسائل التواصل الاجتماعي ، احترم جدا خصوصية الاخرين ولا أقوم بتصوير أي كان الا بإذنه وعلمه، ومن ناحيتي ليس لدي مانع أن يقوم أحد بتصويري مادام بعلمي وموافقتي فهناك من يتصيد للآخرين بعض الأوضاع المضحكة او الاستهزائي دون احترام للآخر.

مدعو الشهرة خطر
ويحلل حمدان بن سلمان الغامدي المستشار الاجتماعي والمهتم بالقضايا الاجتماعية ما يحدث بقوله: تعتبر فوضى شبكات التواصل الاجتماعي وما يسمى بالمشاهير غير المرخصين من اخطر ما يواجه المجتمع . حيث يزعمون أنهم الطريق الأسهل في إيصال رسالتهم للمجتمع من خلال ما يقدمونه من تضليل للمتلقي والمتابع الذي يختصرون الحدث في ثواني بسيطة لا تمثل الجودة الكلية للمنتج او لا تعكس الحقيقة التي تم تصويرها وتوثيقها.. ويضيف : لكي نكون أكثر مصداقية مع المستهدفين الذين يتم تصويرهم يجب استئذانهم قبل التصوير وعدم مفاجأتهم لأنهم احيانا يكونون من قليلي الخبرة ولا يدركون حجم الضرر الذي قد يواجههم في قادم الأيام..
من زاوية ثانية يجب على المستهدفين ان يكونوا اكثر وعياً وإدراكاً لما يدور حولهم من هؤلاء المضللين الذين يجب أن يكونوا مصرحين من جهات رسمية وقنوات إعلامية كما أن المؤهل العلمي هو الفيصل في هذا الجانب لضمان الاحترافية والمهنية وعدم تجاوز خصوصية الآخرين واحترام آدميتهم..
وفي حالة الضرر. فإنه يحق لهم اللجوء للجهات القانونية التي تعتبر التجاوزات التقنية الرقمية والإلكترونية الحديثة من أبرز الوسائل المستخدمة التي يجرمها النظام.

جرائم المعلوماتية
ويؤكد المحامي والقانوني سيد الشنقيطي أن التساهل في تصوير الأشخاص في الأماكن العامة ونشرها في مواقع التواصل الاجتماعي من باب التسلية أو التشهير يقود صاحبه الى السجن لمدة تصل الى سنة وغرامة لما يقارب نصف مليون ريال ، حيث يعد ذلك جرما إذا كان الدافع له المساس بالحياة الخاصة أو التشويه أو الإضرار بالأمن العام والنيل من القيم الدينية والآداب العامة ويعاقب القائم به وفقا لنظام مكافحة جرائم المعلوماتية في الفقرة الرابعة من المادة الثالثة ونصها: ( الإساءة للحياة الخاصة عن طريق إساءة استخدام الهواتف النقالة المزودة بالكاميرا او ما في حكمها بالسجن مدة لا تزيد على سنة وغرامة لا تزيد على 500 الف ريال او بإحدى هاتين العقوبتين).

حرام شرعا
ويقول الشيخ سعود الفنيسان استاذ في جامعة الامام وعميد كلية الشريعة بالرياض سابقا بعدم جواز تصوير أَي إِنْسَان من دون إذنه كبيراً كان أو صغيراً، رجلاً كان أو امرأة، مُشَدّداً على أن التصوير من الخصوصيات التي يجب احترامها بشكل كبير. ولا يصح تصوير أَي شخص من دون إذنه أياً كان وضعه، حتى ولو كان يضحك أو يلعب، فطالما أنك لم تستأذنه فلا يجوز تصويره، فما بالك بتصوير إِنْسَان فِي حَالِ يستحي منها، أو تصويره في أمر أو مشهد يجعله أضحوكة من الآخرين، فهذا بالطبع من الأمور المحرمة شرعاً.

عقوبة التشهير
وفي السياق نفسه يقول عضو هيئة حقوق الإنسان المحامي الدكتور عبدالحكيم بن عبدالله الخرجي هذا الأمر لم يغب عن ذهن المنظم إذ إنه بتاريخ 15/04/1426 هـ صدر الأمر السامي الكريم رقم 5142 وتاريخ 15/04/1426 هـ بشأن تنظيم التصوير في الأماكن العامة وقد نص البند الأول منه على (أولًا: يُسمح بالتصوير في كل مكان عام لا توضع فيه لوحات تشير إلى منع التصوير، ويحظر في الأماكن التي يوضع عليها لوحات تشير إلى ذلك…»


فالقاعدة إذًن هي السماح بالتصوير في أي مكان عام طالما لا يوجد لوحة إرشادية تشير إلى منع التصوير، وهذا هو الأصل. ومع ذلك فقد كفل البند الخامس من الأمر السامي الكريم الحريات الشخصية للأفراد والأملاك الخاصة التي لا يرغب أصحابها في تصويرها الحق في رفض قيام أي شخص بتصويرها ولو كان ذلك في مكان عام لا توجد عليه لائحة إرشادية تفيد منع التصوير إذ نصت الفقرة (1) من البند الخامس على: (يكفل هذا التنظيم الحريات الشخصية للأفراد والأملاك الخاصة التي لا يرغب بتصويرها ويلتزم المصور بعدم تصوير فرد أو ملك خاص إلا باستئذان). وبتطبيق هذا النص على ما قام به هذا الشخص يتضح أنه على الرغم من أنه كان يقوم بالتصوير في مكان عام إلا إنه لم يستأذن السيدة التي ظهرت بالمقطع. وحول اذا ما كان هذا الفعل يشكل جريمة تستوجب العقوبة أكد أن الأمر السامي الكريم لم ينص على عقوبة محددة لكن الفقرة (5) من البند الخامس قررت أنه يجب على الجهات التي تتعامل مع المخالفة وفق ما تقتضيه كل حالة ،مشيرا إلى أنه في الحالة المعروضة يتضح أن المصور هنا توجه مباشرة إلى تلك السيدة دون استئذانها وقام بطرح عدد من الأسئلة المحرجة والتي تشكل تعديًا على حياتها الخاصة ولم يكتف بذلك بل قام بنشر المقطع عبر أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي مردًدا عبارات تفيد أنها تخالف أنظمة الدولة وأنها تتقاعس عن طلب الحصول على الضمان الاجتماعي وأنه سيتصل بالدوريات الأمنية مما أظهرها في مظهر المخالف للنظام ولا شك في أن ذلك يتضمن تشهيرًا بها.
وتابع «بالرجوع لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية يتضح أنه قد نظم هذا الأمر إذ ورد في المادة الثالثة منه ما نصه: (يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على خمسمائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كلُّ شخص يرتكب أيًا من الجرائم المعلوماتية الآتية: التشهير بالآخرين ، وإلحاق الضرر بهم ، عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة).
وعلى ذلك، وفي رأيي الخاص، أن ما قام به مصور هذا المقطع يتضمن تشهيرًا بتلك السيدة ويخضع لما نصت عليه الفقرة الخامسة من المادة الثالثة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *