لا يخفى على أحد التأثيرات السلبية التي تركتها جائحة كورونا على السفر والسياحة حول العالم، إذ كان من الطبيعي وقف السفر بين الدول كمقدمة للإجراءات الاحترازية للحد من انتشار هذه الجائحة غير المسبوقة، لكن ذلك تسبب في حدوث خسائر فادحة لحقت بقطاعات السياحة، فضلًا عن خسائر شركات الطيران المهدد بعضها بالإفلاس.
ولم تقتصر الآثار الجانبية لجائحة كورونا على الجانب المادي والاقتصادي بل هناك جوانب نفسية سلبية كثيرة ظهرت على الكثيرين، إذ عانى الناس من الإغلاق وحظر السفر ومنع التنقل بين دول العالم.
والحقيقة أن المملكة العربية السعودية كانت من أبرز الدول التي تعاملت بحكمة واقتدار مع هذه الجائحة ونجحت في التقليل من آثارها السلبية والحفاظ على صحة مواطنيها ومقيميها، وفي مقدمة حزمة الإجراءات الاحترازية قرار منع السعوديين من السفر الذي استمر أكثر من عام.
ومع رفع حظر سفر السعوديين يوم الاثنين الماضي شاهدنا طوفانًا من المسافرين السعوديين المتجهين برًّا إلى البحرين عبر جسر الملك فهد، وفي الليلة الأولى من سريان رفع الحظر كان هناك أكثر من مئة ألف مسافر سعودي في المطارات السعودية على أهبة الاستعداد للسفر!! ولا شك أنه مع هذه الأعداد الهائلة من المسافرين لابد من تنبيههم ليكونوا على أعلى درجة من الحذر فجائحة كورونا لم تنتهِ بعدُ من العالم، وكل الدول دون استثناء ليست في مأمن كامل من كورونا.
ولابد أن يتوخى المسافرون أقصى درجات الحذر في صالات المطارات والأماكن المزدحمة، ويحرصوا على اتباع الإجراءات الاحترازية وتنفيذها بدقة وفعالية كبيرة مثل تطبيق قواعد التباعد الجسدي، وتجنُّب المصافحات باليد، وتقليل استخدام الأوراق النقدية قدر الإمكان، واستخدام وسائل الدفع الإلكترونية، وارتداء الكمامات طوال الوقت، وكذلك وضع القفازات، أو الالتزام بتعقيم اليدين باستمرار.
لقد أحرزت المملكة بفضل الله تعالى ثم بتوجيهات قيادتنا الرشيدة، وجهود مسؤولينا، والتزام المواطنين والمقيمين نجاحًا كبيرًا في مواجهة كورونا، ونجَّانا الله تعالى من منزلقات صعبة انزلقت إليها دول كبرى مثل: الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وإيطاليا، وإسبانيا التي انهارت أنظمتها الصحية في الموجة الأولى من الجائحة، والبرازيل التي انهارت في الموجة الثانية، وها هي الهند تنهار في الموجة الثالثة، وتظهر فيها سلالة جديدة من سلالات كورونا أشد خطورة وأسرع انتشارًا.
وكما يقول الخبراء فإن فيروس كورونا ينتشر بأسلوب متضاعف يتبع نظام المتوالية الهندسية، والمريض الواحد يصيب خمسة أصحاء بالعدوى، والخمسة يصيبون خمسة وعشرين وهكذا، وهذا يستوجب من جميع المسافرين اتخاذ أقصى التدابير الاحترازية حمايةً لأنفسهم وأقاربهم والمجتمع كله.
ولم تأتِ الإجراءات والقواعد الصحية الموضوعة لوقاية المسافرين وحمايتهم وحماية المجتمع من فراغ، بل هي وليدة دراسات علمية متخصصة فحصت بدقة المعدل الوبائي لانتشار فيروس كورونا، ولابد من تطبيق هذه القواعد بالحزم الكافي والصرامة المطلوبة، فالموضوع لا يحتمل أي عبث أو تهاون، لأن الجائحة ما تزال موجودة، وما تزال تهدد العالم، كما ينبغي التوسع في أخذ لقاحات كورونا على نطاق واسع من السكان لتغطية النسبة المطلوبة للوصول إلى ما يُسمى بمناعة القطيع حفاظًا على المجتمع من أي تطور مفاجئ.
أكاديمي وكاتب رأي
GhassanOsailan@