اجتماعية مقالات الكتاب

تمكين الموهوبين العرب

من يتابع مسيرة هجرة الأدمغة العربية من عالمنا العربي إلى الغرب، ويشاهد مدى النجاح والتميز الذي يحققه الكثيرون منهم هناك يُدرك أن أمتنا العربية حافلة ولله الحمد بالكثير من الموهوبين والمبدعين في كل المجالات، وهُم فقط بحاجة إلى من يتبناهم ويرعاهم.

وفي الحقيقة فإن مملكتنا قد أولت الموهوبين على أراضيها بالرعاية والعناية والاهتمام منذ سنوات من خلال مؤسسة احترافية متخصصة هي مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة) وكل إنسان معني بهذا المجال ويتابع منجزات هذه المؤسسة يشعر بالفخر والاعتزاز، إذ هناك إبداعات كثيرة حققها شبابنا في شتى المجالات، وهناك الكثير من براءات الاختراع في أمور كثيرة أبدعها مبتكرون سعوديون اكتشفتهم (موهبة) وعملوا من خلالها بكل شغف للوصول إلى أهدافهم.

وانطلاقًا من دورها العربي الرائد أبرمت المملكة قبل أيام اتفاقية شراكة مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) لرعاية الموهوبين العرب برعاية كريمة من سمو وزير الثقافة رئيس اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، ومعالي الأستاذ الدكتور محمد ولد أعمر المدير العام لمنظمة «الألكسو».

وتُعد (مبادرة الموهوبين العرب) التي أطلقتها مؤسسة (موهبة) بالشراكة مع منظمة (الألكسو) أول مبادرة من نوعها على مستوى العالم العربي لاكتشاف ورعاية الموهوبين العرب من خلال اتفاقية الشراكة الموقعة بين الجانبين، وفي الواقع فإن مؤسسة “موهبة” كأول بيت خبرة عربي في مجال رعاية الموهوبين ومنظمة “الألكسو” يربطهما تاريخ من الشراكة والتعاون، بدأ عام 2008م من خلال توقيع مذكرة تفاهم لإعداد “الاستراتيجية العربية للموهبة والإبداع في التعليم العام”، تنفيذًا لتوصيات المؤتمر السادس لوزراء التربية والتعليم العرب الذي استضافته الرياض آنذاك.

ونأمل جميعًا أن تنجح مبادرة الموهوبين العرب في نشر ثقافة الموهبة، ونشر الوعي الابتكاري والإبداعي، وقيادة حراك عربي حقيقي وفاعل في مجال اكتشاف ورعاية واحتضان الموهوبين، حراكًا يلمسه الناس في بلداننا العربية، ولن يحدث ذلك ويتحول من أمنيات إلى حقائق ملموسة على أرض الواقع إلا عندما تنزل المبادرة إلى الميدان وتهتم بالاستثمار المباشر في الشباب العربي، ورعاية الطاقات العربية الشابة من الموهوبين والمبدعين، وتسعى لاستيعابهم وتنمية مهاراتهم ومواهبهم وقدراتهم الإبداعية، وذلك عبر توفير البيئة الملائمة لهم، وتوجيههم من خلال برامج علمية متخصصة تفتح أمامهم آفاقًا أوسع للموهبة والابتكار، وتستفيد من قدراتهم النوعية المتميزة التي حباهم بها الله تعالى، وتتبنى مواهبهم وتعدهم علميًّا وثقافيًّا، وتوفر لها الحاضنة المناسبة المهيَّأة لتنفيذ إبداعاتهم المختلفة في شتى المجالات.

إن نتائج التجارب العربية السابقة في مختلف المناحي تؤكد على ضرورة العمل الميداني الجاد، وأهمية النزول إلى الناس ومعايشتهم في أرض الواقع، وعدم الاكتفاء برفع الشعارات والدعايات الترويجية وحسب؛ وذلك لأن الأفكار الخلاقة والمشاريع الجادة الناجحة المثمرة التي عودتنا عليها مملكتنا تؤكد على أن الفعل الحقيقي والإنجاز العملي هو أبلغ وسيلة دعاية لأي مشروع ناجح، ومن هنا ينبغي أن تهتم مبادرة الموهوبين العرب بتمكين الموهوبين والمبدعين من أجل المساهمة بفكرهم وعملهم في صناعة المستقبل المشرق الذي نتمناه جميعا لأمتنا العربية.
أكاديمي وكاتب رأي
GhassanOsailan@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *