اجتماعية مقالات الكتاب

البحث عن الكنز

مفردة كنز تدل على اسم، مدلوله يكون على شيء له قيمة عالية معنوية كانت او مادية. بعضنا سمع عن أناس يطلق عليهم لقب صائدي الكنوز، مهمتهم البحث عن كنز (قد يكون مجهولا)، سواء كان هذا الكنز تحت أنقاض الماضي، في أعماق البحار، في الغابات الاستوائية او كان الكنز مخبئا في صحراء.. تجد صائدي الكنوز يهرولون خلف اكتشاف هذا الكنز بأسلوب لا يخطر على ذهن الانسان العادي، تجدهم مع فريق عمل (وأحيانا على انفراد) يغامرون بطريقة قد تعرضهم لكم كبير من المخاطر، سواء كانت مخاطر طبيعية، مثلا، إذا كان البحث عن الكنز في اعماق البحار والمحيطات، او يكون الكنز في مكان ما في صحراء لا يعرف فيها اتجاه او نهاية! وقد يكون أحيانا صراعا مجهولا مع كائن حيواني (او بشري احيانا) قد يعرضهم لفقدان الحياة!

مع كل هذه التحديات، تجد ان هناك من يجد نفسه في تحقيق انجاز لا يمكن لكائن من البشر الوصول اليه! ومن اجل الوصول الى هذا الإنجاز، تجد صائدي الكنوز في بحث دائم عن شيء قد يكون مجهول الهوية وأحيانا قد لا يكون له وجود أصلا، ولكن الفرص أحيانا قد تصل بصائد الكنز الى نتيجة مذهلة من خلال رحلة البحث، قد يستفيد منها صائد كنز اخر! فتجده يصل الى الكنز بناء على ما ذكره زميل سابق سار في نفس الطريق ولكنه فشل في الوصول الى ما كان يتطلع اليه.

ونحن في عالم الجائحة الكونية، وصراع البشرية على اختلاف ثقافاتهم واجناسهم مع هذا العدو الذي لا يمكن رؤيته، شاهدنا (نحن العاملين في مجال العدوى والمناعة) عددا كبيرا من العلماء سواء كانوا في مجال الطب او العلوم الطبية الأخرى او في مجال صناعة الدواء، يبحثون في معاملهم الطبية والعلمية، عن سبيل او معلومة يمكن لهم من خلالها اكتشاف دواء جديد يمكننا من إيقاف الجائحة الكونية ومن هجومها الشرس على الجنس البشري، فهذا فريق من العاملين، يواصلون الليل والنهار في البحث عن ميكانيكية هجوم الفيروس على الخلية الحية، وهناك فريق اخر، يبحث عن إمكانية الاستفادة من النظريات العلمية في البحث عن لقاح يمكن من خلاله تطوير المناعة ضد العدوى الفيروسية، وفريق ثالث يبحث عن الترياق الدوائي الذي يمكن الانسان من تناوله اذا أصيب بالعدوى الفيروسية التغلب على مضاعفات العدوى والمرض.

باختصار استطاع العلماء الوصول الى ما يمكن من خلال تناوله التصدي للمضاعفات الفيروسية مثل اللقاحات، وما زال البحث مستمرا في الوصول الى نتائج مذهلة (لم يصل اليها أحد من البشر) في تلك العلاقة التي تربط الفيروس الكوروني والخلية البشرية! ومع هذا الكم الكبير من التجارب داخل المختبرات العلمية والسباق العلمي بين علماء الارض ما زلت أتذكر تصريحا صحفيا (كان في بداية الجائحة الكونية) تطرق الى انه قد تم عزل الفيروس الكوروني لإنتاج مصل واقٍ.. ولا أدرى، هل استطاع فريق العمل الوصول الى الكنز؟ ام أضاع الطريق؟
استشاري العدوى والمناعة
باحث في الشأن الصحي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *