اجتماعية مقالات الكتاب

الحياة الناعمة

هناك مفاهيم أحادية علقت في أذهان البشر منذ الأزل بأن الحياة صعبة وقاسية وصلبة وأنها لا تعطيك كل شيء.. وسبب ذلك هو المعاناة من شح موارد الطبيعة وندرة مياه الشرب .. ووفرة الإنتاج وقسوة المناخ وتلوثه وهجمة الأمراض الفيروسية والبكتيرية .. والعوز والفاقة التي تقف عائقا أمام الناس في الحصول على السكن الكريم والتعليم والصحة الخ ..
ولكن هل هذه هي الأسباب الحقيقية والوحيدة لصلابة وصعوبة الحياة وقسوتها ؟ .. أم أن هناك أسبابا أخرى عديدة من صنع البشر أضافت صعوبات أخرى إلى حياتنا وطريقة تفكيرنا وممارساتنا لطقوسنا اليومية .. وأساليب التعليم والعمل .. ووسائط المواصلات .. وتصميم المباني ونظم العلاج في المشافي .. والعلاقات الأسرية والعائلية وأساليب حل الخلافات بين الدول والشعوب والدخول في مجابهات اقتصادية وحروب طاحنة .. إلى آخر ما هنالك من أنماط الحياة اليومية المختلفة.

وللأسف لازالت ممارسات وسلوكيات البشر اليومية من هذا النوع في تزايد مستمر مما يجعل الحياة أكثر قسوة وصعوبة .. بل وستصبح الحياة مستحيلة على كوكب الأرض .. وهذا ما يدفع العلماء إلى البحث عن أساليب متعددة ومنها التكنولوجية التي تخفف من وطأة هذه القسوة وصعوباتها وآخرون أخذوا على عاتقهم البحث عن كواكب فضائية أخرى يمكن الهروب إليها والعيش فيها بأمن وأمان وسلام.
ولكي ندلل على ذلك دعونا نلقي نظرة متعمقة على مدى تأثير التكنولوجيا وتطورها السريع وتغلغلها في حياتنا اليومية بشكل قوي ومؤثر .. مما ساعد الناس ومكنهم من أداء العديد من النشاطات والوظائف بسرعة وراحة تامة وممتعة .. لقد مكنتنا التكنولوجيا من الوصول إلي كم متعاظم من المعلومات وتحليلها ودراستها والوصول إلي نتائج تساعدنا في اتخاذ قرارات رشيدة وحكيمة في الأعمال والتعليم والاقتصاد المعرفي والطب والهندسة بل وفي جميع العلوم .. وكان للإنترنت فضل كبير في نقل الأخبار والمعلومات عبر قارات العالم آنيا وفوريا .. كل ذلك جعل حياتنا مريحة وناعمة وسهلة .

وللتكنولوجيا تأثير بالغ الأهمية في صناعات النقل الجوي والسفر وتصنيع الطائرات وتصميم وتشغيل وإدارة المطارات .. وأصبح أيضا متاحا أمام جمهور المسافرين التعامل مع تطبيقات السياحة والسفر لإختيار أماكن التسلية والترفيه وإنهاء إجراءات السفر والحجوزات الخ.
أما التعليم فكان له نصيب كبير من اليسر والنعومة .. فعن طريق الإنترنت نستطيع أن نحصل على أية معلومة بلمسة أصبع .. وعن أي مكان أو أي شخص عبر محركات البحث العملاقة وسحب المعلومات .. ليس ذلك فحسب بل يمكن الاحتفاظ بالمعلومات في ذاكرة أجهزة الهواتف الذكية أو خوادم مراكز المعلومات.

إنني أدرك تماما ان ما اوردته هنا من معلومات يكاد يكون معروفا للغالبية العظمي من القراء الا ان هدف المقال هو التركيز على اهمية تحول حياتنا لأن تكون أكثر نعومة وسلاسة ومرونة وطراوة حتى نستطيع إعادة تشكيلها وتكويرها ومدِّها وثنيها والقضاء على حوافها الحادة المدببة التي تجرح القلوب والنفوس والعقول والذوق العام والبيئة المحيطة وتتعامل مع التغيرات المناخية ألتي تؤثر علي سلوكيات البشر.
وأخيرا الإنسان ليس صخرة ينكسر عليها من يصطدم بها .. بل هو كائن حي متنامٍ ومتطور وتفاعلي المزاج وله القدرة على الفهم والادراك للمحيط الذي يعيش فيه ويؤثر ويتأثر به حتى يكيفه وفق متطلباته واحتياجاته ويجعل حياته ناعمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *