اجتماعية مقالات الكتاب

نِعَـمُ الجائحة

المؤشرات في معظم دول العالم تشير حتى اللحظة إلى أن العالم مازال بعيداً عن الانتصار النهائي على الجائحة، ومازالت المسافة بعيدة بيننا واعتبار الجائحة من تاريخ البشرية.. وبناء عليه فإننا كأفراد ومنظمات بحاجة إلى إعادة تخطيط حياتنا بناءً عـلى ما فرضته الجائحة من قوانين وأنظمة، وما أوجدته من بروتوكولات واحترازات مرددين “لعل في الجائحة خير”..

ولعلنا نتوقف وننظر إلى الجوانب التي اضطررنا لها بوجود الجائحة ونعتبرها إيجابية.. فكم من ممارسات كنا نظنها مفروضة وتكاليف كنا نعتبرها واجبة، فاكتشفنا أنه يمكن الاستغناء عنها وأن حياتنا تسير بدونها.. بل إن بقاءنا في البيوت دفعنا لاكتشاف بعضٍ من مواهبنا، وعرفنا ونحن راضون مقتنعون أن الحياة تمضي بنا أو بدوننا.. وأن الشمس تشرق وتغيب سواء كنا على وجه الأرض أو تحت التراب.. كم أحباب فقدناهم في عام الجائحة الأول.

بقينا في بيوتنا أسابيع وأشهراً دون أن نخرج ولم يختلّ العالم ولم تتوقف الحياة.. عرفنا أن المودة والصلة ليست فقط بالأحضان والعناق وأننا يمكن أن نلتقي بأحبتنا افتراضياً ونبقى معهم ساعات ونحن في منازلنا وهم في أقصى الدنيا.. وإن كانت الجائحة أثرت بشكل كبير على بعض أنشطة الأعمال فقد علّمت أصحابها أن يعيدوا برمجة أعمالهم إلى أنشطة أكثر استدامة وأحرى بقاء أوقات الملمات.. وإن كانت بعض الأنشطة أقفلت فقد تكون زائدة عن حاجة المجتمع أو أنها من حاجات الرفاهية..

ومن نعم الجائحة أنها فتحت الأبواب كلها لتقدم طبي هائل وفرضت تخصيص ميزانيات ضخمة لتطوير التقنية الطبية وإنتاج عقاقير ولقاحات حتى رأينا أن الطبيب الآلي دخل الميدان.. كما تطورت بشكل سريع وهائل تقنيات الاتصالات والتواصل عن بعد.. تقنيات كنا نظن إلى وقت قريب أنها مكلفة جداً، فصارت رخيصة بل مجانية وسهلت الاستخدام.. خلاصة الكلام أن في المحن نِعَمٌ إن أردنا ذلك، إن نحن نظرنا إلى الجوانب الإيجابية في كل محنة.
‏ogaily_wass@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *