اجتماعية مقالات الكتاب

تاريخك الصحي

بعد عامين من عمل وصفه مديرها العام التنفيذي بأنه دؤوب أطلقت مدينة الملك فهد الطبية، ومقرها الرياض، نظام المعلومات الطبية الأحدث عالمياً EPIC.

نظام إيببيك EPIC قيل عنه إنه ثورة في عالم الملفات والمعلومات الطبية.. وهو كذلك.. عطفاً على اعتماده في أرقى المراكز الطبية والمستشفيات في الولايات المتحدة كـ(مايو كلينك، وكليفلاند كلينك).. وفي المملكة تُعد KFMC ثاني مركز طبي يُدخِل هذا النظام بعد مركز جونز هوبكنز أرامكو الطبي في الظهران (جاها JHAH).

المُبهِج في نظام EPIC الذي دشن رسمياً الأربعاء 3 فبراير 2021 في KFMC أن من عمِلوا عليه فريق متكامل من أبناء وبنات الوطن وهذا مفخرة لنا جميعاً، كما هو مركز جاها JHAH في الظهران الذي ابتعث 150 من الموظفين للتدرب على النظام لدى شركة EPIC قبل إدخاله، وبدورهم دربوا أكثر من ثلاثة آلاف مستخدم محتمل للنظام.. ومع التهنئة لكل من شارك في الإعداد والتخطيط للنظام الجديد في KFMC وتنفيذ بنية تحتية لنظام طبي هو الأحدث في العالم.. فإن أسئلة تثور بهذه المناسبة من قبيل: هل يمكن جعل نظام صحي متطور كهذا يستوعب كل المواطنين من لحظة الولادة إلى الوفاة، بحيث يضم كل معلومة صحية عن المواطن من لحظة ولادته إلى وفاته، وتبقى المعلومات في النظام بعد الوفاة لمعرفة التاريخ الصحي للأسرة بكاملها.. أليس الطبيب يسأل المراجع عن أمراض التاريخ المرضي للأسرة؟ وهنا فقد يمكّن مثل هذا النظام من حفظ التاريخ الصحي لكل مواطن ولتسلسل الأسرة، وقد نصل للأجداد والجدات، ويتم تحليلها والتنبؤ بما يمكن أن يحدث للأسرة، وفرص تلافي ما يمكن أن يحدث من أمراض وراثية أو طفرات مرضية قبل حدوثها، أو تقليل تأثيرها.. والأمثلة هنا كثيرة يعرفها الأطباء والمتخصصون في الأمراض الوراثية.

إن ما تعيشه المملكة من تطور في مجال الصحة يجعلنا نطرح مثل هذه الأفكار التي لن تكون مستحيلة، وليست بعيدة عن طاولة بحث وتفكير قيادات الوزارة والقطاعات الصحية في وطننا. وسوف أقفز مائة عام قادمة أو تزيد لأقول إن وجود نظام صحي إلكتروني دقيق وقابل للتطور سيكون مذهلاً للأحفاد وأحفاد الأحفاد إن هم استعرضوا يوماً ما تاريخ أسرتهم الصحي، وعرفوا أن جدهم كان وضعه الصحي كذا، وجد والدهم كان يعاني من كذا، أو توفي بمرض كذا. في ظني سوف يجدون معلومات هائلة، سيكون من شأنها توفير مصروفات كبيرة إذا عُرِف التاريخ الصحي لكل عائلة، فكيف بالتاريخ الصحي لسكان الوطن كلهم لـمائة سنة ماضية أو تزيد.. إنها فكرة قد تبدو للوهلة الأولى خيالية، غير أني أزعم أنها فكرة حالمة، وستوفر ميزانيات ضخمة في مجال الصحة لأجيال المستقبل إن توفر أمامهم التاريخ الصحي لأسرهم والخصائص السلوكية والأمراض الوراثية المحتملة، وكمٍ هائلٍ من معلومات سوف يجدها الأحفاد والمخططون محفوظة في هذا النظام الصحي الوطني، وما يمكن أن يترتب على ذلك من تعديل سلوك حياتي وأسلوب معيشي ليحيا الفرد من الأجيال القادمة حياة صحية.. كما سيستفيد منها مخطط الأنظمة الصحية مع توالي الأجيال.
‏ogaily_wass@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *