الآن ..الآن وليس غداً ، لماذا التراخي والخمول ؟! أليس الوقت كالسيف يمضي، ألسنا في عصر السرعة والانترنت نسير ؟! هل ستنتظرك الطائرة إن تأخرت عن موعد إقلاعها ؟! هل ستعود عقارب الساعة إلى الوراء، هل ستقول لقطار العمر قف في سن الشباب إني لا أطيق وهن الشيخوخة ؟! هل ستبقى في عين العاصفة ولا تتخذ التدابير الاستباقية ؟! هل ستهب مسرعاً إلى إنقاذ من يطلبون النجدة أم ستتقاعس عنهم فيخطفهم الموت.؟! هل يستوي الذين يبادرون وينهضون مع الذين يهملون ويتكاسلون ؟!.
الإنسان المنجز هو الأكثر انتاجية والأكثر فاعلية في الأسرة والمجتمع، فهو الذي يتقن إدارة دقائق يومه ويتسابق مع نفسه لبلوغ هدفه، فهو لا يضيع وقتاً ولا يسوف موعداً وهو قيادي في شخصيته، صائب في قراره، قليلاً ما يشتكي وكثيراً ما يخلق الحلول والبدائل ، ينظر إلى طعامه على أنه وقود وإلى النوم على أنه وسيلة للتعافي وإلى فترة الراحة على أنها فرصة لزيادة الحماس للعمل . هناك آليات قد اتبعها هذا الانسان الذي عمل بذكاء وأصبح منجزاً ، فقد دأب على تدوين كافة الأفكار التي ترد إلى ذهنه أولاً بأول ، نظم أعماله وفقاً لخطط مدروسة وجدول زمني مكنه من معرفة أولوياته في التنفيذ ، لم يشتت جهده بتعددية المهام في آن واحد (multitasking ) ، اوجد وقتاً لممارسة الرياضة والاسترخاء ليحافظ على لياقته البدنية ، تغاضى عن الأمور الجانبية واستغنى عن المجاملات واللقاءات والاجتماعات التي تبدد الوقت ولا تحقق نفعاً ، أغلق بابه وأطفأ جواله في فترة العمل ، اتبع قاعدة ” الدقيقتين ” لإنجاز المهام القصيرة التي لا تستحق التفكير فيها والانشغال بها ، بل يتطلب استكمالها البت السريع والانجاز الفوري .
يقول رجل الأعمال ستيف جوبز “ضع قائمة بالأفكار والأشياء التي يحتاج عملها سرعة في الوقت وسرعة في اتخاذ القرار ثم اقفز فوراً من النافذة لتعملها وتبدأ بها “، ولكن توماس اديسون يقول : “الأهم من أن تتقدم بسرعة هو أن تتقدم في الاتجاه الصحيح ” . نعم فكلا القولين صحيح ، وما ننشده هو أن ننجز أعمالنا بسرعة وأن يكون منتجنا ذا جودة عالية واتقان .
ويقول الله تعالى وهو أصدق القائلين وأحسن الخالقين وأتقن الصانعين: ” يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ “. صدق الله العظيم.