قرأت كثيرا في الإدارة وعن مواصفات المدراء وصفاتهم وسلوكهم ومهاراتهم .. قرأت أن المدير يجب أن يكون حازما وصارما ومحفزا ودقيقا وجادا .. ومبدعا ومنجزا .. وأن يكون ذا رؤية ثاقبة .. إلى آخر تلك الصفات المتداولة عبر السنين.
إلا أننا اليوم ونحن في زمن غير الزمن الذي اعتدنا عليه إنه زمن ما بعد الكورونا ومفرزاتها ومتطلباتها .. هو زمن نوعية جديدة من المدراء لهم مهارات وصفات غير تقليدية يتطلبها الواقع الجديد.
يقع على إدارات تطوير وتنمية القوى البشرية وأجهزة التدريب .. عبئا جديدا ومتعاظما .. ودورا مهما في إعادة تعبئة المنظمات وشحن ذهنية المدراء بالمناخ الجديد للأعمال .. وأقصد .. إعادة هيكلة المنشآت بنظم جديدة وتأهيل القادة والمدراء بالمفاهيم الإدارية المتغيرة التي تتطلبها المرحلة القادمة .. ومنها سرعة التفاعل مع الاحداث واتخاذ القرارات الفورية .. وضمان فعالية الإجتماعات عن بعد .. عبر البنى التحتية المتطورة .. إلى جانب التواصل الفعال بين أفراد الفريق والمرونة في أداء الأعمال بالنسبة للحضور والغياب وساعات العمل المرنة .. وتعضيد العمل التعاوني بين أفراد الفريق .. وإشاعة الألفة والتفاهم بين جميع قطاعات المنظمة ..
والمهمة الأخرى التي يجب أن يطلع بها القادة والإداريون هي سرعة إعادة الإندماج والإنخراط في العمل مابين الموظفين والإدارة والعملاء .. بل وكافة افراد المجتمع وخصوصا أولئك العملاء المحتملين .. حيث ان مرحلة كورونا أوجدت تباعدا وغيابا عن المنطق السوي في ادارة الأعمال وإتخاذ القرارت وذلك نتيجة للضغوط النفسجسمية التي يعاني منها البشر جميعا ..
وأعود الى المفهوم الجديد الذي تطرقت اليه في مقدمة المقال .. وهو مناخ الاعمال الجديد .. ونقصد به مناخ الرحمة او الإدارة الرحيمة حيث يجب على مدراء ما بعد الكورونا أن يستعينوا بعلماء وإختصاصيي الطب النفسي لطلب مشورتهم في فهم الذهنيات والنفسيات الجديدة التي شكلت وعي ومنطق ومفاهيم الموظفين والعملاء في التعامل مع الأحداث والمفاجآت مع الحفاظ علي الحماية الشخصية والمجتمعية ..
الرحمة في المفهوم العام تعني الرقة والعطف والمغفرة والرأفة والمودة الخ..
وجميع هذه القيم والمعاني يمكن تطبيقها من خلال مفهوم الرحمة في الادارة وذلك عن طريق إعادة صياغة مناخ وثقافة المنظمة بل يمكن التدرب عليها كمهارات نتقنها ونمارسها .. وأول هذه الممارسات هي الاحترام المتبادل بين كوادر وموظفي المنظمة او المنشأة وبث الحيوية والطاقة الإيجابية في مفاصل العاملين فيها وآلية إتخاذ القرارات ونزاهتها وتوقيتها وتهيئة الجو العام لقبولها وتقدير ظروف وأوضاع الاخرين ..
وأهم من كل ذلك هو العطاء المعنوي والمادي مراعاة للظروف والاعباء المستجدة ..
واخيرا لنا قدوة في مخاطبة المولي عز وجل لرسولنا الكريم .. وهو المربي والمعلم والموجه والاداري .. قائلا له: (وما ارسلناك الا رحمة للعالمين).