متابعات

المملكة متقدمة عالميا في مكافحة الجريمة

جدة ـ حليمة أحمد

تعد جرائم الاتجار بالأشخاص أحد أخطر صور الجريمة المنظمة التي تنتهك حقوق الإنسان وتمس كرامته وتشكل خطرا على حياته، جرّمتها القوانين الدولية، وخصصت احتفالا عالمياً لمكافحة الاتجار بالأشخاص. وتعرف جريمة الاتجار بالأشخاص بأنها كل عملية تتم بغرض بيع أو شراء أو خطف أشخاص، سواء كانوا رجالاً أو نساء أو أطفالاً، واستغلالهم في القيام بأعمال على غير رغبتهم في ظروف غير إنسانية.

ويدخل في ذلك استغلال العمالة المنزلية للقيام بأعمال ليست من مسؤولياتهم، وسوء معاملتهم، إضافة إلى عمل الأطفال في المناجم والمصانع، وإجبار الأطفال على التسول والعمل. وحددت منظمة الشرطة الجنائية الدولية ” الإنتربول ” أنواع الاتجار بالبشر لأغراض العمل القسري الأوسع انتشاراً في العالم خاصة في بعض الدول النامية ويتم الاتجار بهم باستخدام الخداع والإكراه ويجدون أنفسهم محتجزين في ظروف أشبه بالعبودية للقيام بمجموعة متنوعة من الأشغال.

ومشاركة الضحايا في أعمال زراعية أو تعدين أو صيد الأسماك أو في أعمال البناء. ” البلاد ” التقت بعدد من المختصين، الذين كشفوا أن هناك مجرمين يتكسبون بالاتجار بالبشر على الصعيد العالمي وأن المملكة، تمضي بصورة ممنهجة في حماية وتعزيز حقوق الإنسان، وصون كرامته. والسؤال الذي يعلن عن حضوره هنا ما هي أنواع جرائم الإتجار بالبشر وما أكثر الفئات التي يستهدفها المتاجرون بالأشخاص، خصوصا وأن هذه الجريمة لا تعتبر ظاهرة حيث أن المملكة عبر الجهات المختصة تعمل بشكل حثيث على محاربة هذه الجريمة، والتوعية بكيفية الإبلاغ عنها ، منوهين بالعقوبات التي تطال من يتم ضبطهم متلبسين بالجريمة .

بداية توضح المتحدثة باسم هيئة حقوق الإنسان نورة الحقباني أن هذه الجريمة بناء على ما ورد في نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص وفي مادته الأولى يقصد بها استخدام شخص، أو إلحاقه، أو نقله، أو إيواؤه، أو استقباله من أجل إساءة الاستغلال، لافتة إلى تنوع جرائم الاتجار بالأشخاص وأنه قد ورد في المادة الثانية من النظام أشكال وصور الاتجار بالأشخاص و منها ” الاعتداء الجنسي، أو العمل أو الخدمة قسرا، أو التسول، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد، أو نزع الأعضاء، أو إجراء تجارب طبية عليه”. وقالت ان المملكة ماضية في محاربتها بقوة لهذه الجريمة البشعة التي تقوم على استغلال المستضعفين وحاجتهم لكسب دنيء من قبل فئة باغية لا تهمها إلا نفسها.

عقوبات مشددة
ولفتت الحقباني إلى أنه غالباً ما تكون الفئات المستضعفة مثل الأطفال والنساء أو العمالة أو ذوي الاحتياجات الخاصة هم أكثر عرضة للاتجار ، وقد شدد النظام العقوبة على الحالات التالية: إذا ارتكبت الجريمة جماعة إجرامية منظمة ، وإذا ارتكبت ضد امرأة أو أحد من ذوي الاحتياجات الخاصة، وإذا ارتكبت ضد طفل حتى ولو لم يكن الجاني عالما بكون المجني عليه طفلا ،و إذا استعمل مرتكبها سلاحًا، أو هدد باستعماله، وإذا كان مرتكبها زوجا للمجني عليه أو أحد أصوله أو فروعه أو وليه، أو كانت له سلطة عليه، وإذا كان مرتكبها موظفا من موظفي إنفاذ الأنظمة ، وإذا كان مرتكبها أكثر من شخص، و إذا كانت الجريمة عابرة للوطنية وإذا ترتب عليها إلحاق أذى بليغ بالمجني عليه، أو إصابته بعاهة دائمة.

ليست ظاهرة
وأوضحت أنه بفضل جهود المملكة ممثلة بالجهات المعنية لا يمكن أن نطلق على الاتجار بالأشخاص أنها ظاهرة، حيث تعمل المملكة بشكل حثيث على محاربة هذه الجريمة، وتوعية المجتمع بكافة فئاته عن كيفية الإبلاغ عنها ونشر المؤشرات وتسعى المملكة حتى في ظل عدم كون هذه الجريمة كظاهرة بأن تحاربها لما لها من آثار سلبية وبشاعة استغلال المجرم للضحايا وامتهان كرامتهم.

رسائل توعوية
واستطردت الحقباني بقولها : تتم التوعية بخطر جريمة الاتجار بالأشخاص والعقوبات المترتبة عبر جميع الوسائل الممكنة مثل التلفزيون والإذاعة وبرامج التواصل الاجتماعي ونشر الرسائل التوعوية، والتعاون مع الجهات ذات العلاقة في عمل حملات توعوية بشكل مستمر لإبراز خطر هذه الجريمة، ونشر طرق الإبلاغ عنها وطرق اكتشافها للحد منها وخاصة أن المملكة العربية السعودية هي بلد مقصد لجميع الجنسيات للقدوم والعمل بها وهنا تنشط الجماعات التي تبحث عن الفئات المستضعفة لاستغلالهم، لافتة إلى أن المملكة تؤكد دوماً مكافحتها لهذه الجريمة البشعة بكافة الوسائل والطرق.

الرؤية ومكافحة الجريمة
وأضافت : تأتي رؤية المملكة 2030 لتبين أن الحفاظ على حقوق الإنسان هو محور هذه الرؤية إذ صنفت الاتجار بالأشخاص جريمة لا يمكن القبول بها أو التستر عليها، وتبذل المملكة كل الجهود التي من شأنها وضع حد لهذه الجرائم سواءً بالتعاون مع المجتمع الدولي من سنّ الأنظمة والقوانين الداخلية، نهاية بما يتفق مع خطة عمل الأمم المتحدة ، كما تبذل المملكة جهودا متواصلة لمكافحة هذه الجريمة، انطلاقاً من التزامها بأحكام الشريعة الإسلامية، التي تحرم جميع أشكال الامتهان لكرامة الإنسان. وتقوم بحماية الضحايا وتساعدهم وتوفير سبل الانصاف لهم دون تمييز وتسهم في بناء سياج يكفل الحماية من هذه الجريمة عبر تنفيذ العديد من البرامج والأنشطة التدريبية الموجهة للمكلفين بإنفاذ القانون، وعلى اكتشاف ورصد حالات وقضايا الاتجار بالأشخاص، والتعامل الأمثل معها.

كما أن الجهود التي قامت بها المملكة فيما يتعلق بمكافحة الاتجار بالأشخاص وخاصة النساء والأطفال أدت إلى أن تتبوأ المملكة مكانة متقدمة في هذا المجال، وظهر ذلك جلياً في تحسن تصنيف المملكة في مؤشر الاتجار بالأشخاص والتقارير الدولية التي أشارت إلى التقدم الملحوظ في المملكة في هذا الشأن، مما يعكس مواصلة المملكة السير قدماً في حماية وتعزيز حقوق الإنسان بشكل عام، وفي مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص بشكل خاص.

توعية العميل
من جهته أوضح موسى البجالي مسؤول في مكتب استقدام أن من مهام المكاتب المرخص لها توعية العميل المستقدِم للعمالة بحقوقه وواجباته، لافتا إلى أنه يتم ابلاغ العميل المستقدِم من قبل المرخص له بأنه يعد جريمة الاعلان عن بيع خادمه كسلعة مع ذكر المواصفات مشيرا الى ان العامل طبقا للنظام الجديد سيكون بإمكانه نقل خدماته واصدار تأشيرة خروج نهائي لنفسه بدون العودة للكفيل. وذكر أنه يعتبر احتجاز جواز العمالة المنزلية وعدم دفع رواتبهم اتجاراً بالأشخاص ــــ ولكن بشكل غير مباشر ــــ ويأتي هنا دور المرخص له سواء من مكاتب او شركات الاستقدام بتوعية العميل بأن يكون على تواصل دائم مع العامل لتفادي حدوث هذه المخالفات. وأوضح أن مكاتب الاستقدام يمكنها استقدام الافراد فقط، أما التأجير باليوم أو بالساعة فتقوم به شركات الاستقدام ، ولفت إلى أن البعض يستقدمون العمالة ويقومون بتأجيرها باليوم او الساعة ، ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تحاول القضاء على مثل هذه المخالفات.

اهتمام الدولة
ويؤكد المحامي الدكتور فالح السبيعي أن جميع القوانين والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها المملكة جاءت للتأكيد على اهتمام الدولة بحقوق الإنسان ومكافحة جريمة الاتجار بالأشخاص سواء وقعت داخل السعودية أو عبر الحدود الوطنية أو اتخذت هذه الجريمة شكل التنظيم الدولي كجريمة منظمة ، لافتا إلى أنه يمكن القول بأن القاسم المشترك لجرائم الاتجار بالأشخاص سواء في الواقع المُعَايَش أو الواقع الافتراضي -الالكتروني- هو الاستغلال، فكل فعل يصدق عليه وصف الاستغلال بإساءة سواء أكان بوسيلة الكترونية أو بغيرها وكان من نتيجة ذلك أن يحمل الإنسان على أن يقع ضحية للمواقع المنافية للآداب أو العمل أو الخدمة قسراً بغير رضا أو أن يجعل منه متسولاً أو واقعاً تحت الاسترقاق أو ما يشبه ممارسات الرق أو أن يتم استعباده أو ينزع عضواً من أعضاء جسده أو يكون محلاً لإجراء التجارب الطبية فإن كل ذلك يدخل في دائرة تجريم الاتجار بالأشخاص ويكون فاعلها مستحقاً للعقوبة المنصوص عليها نظاماً، لافتا إلى أنه في مثل هذه الحالات على الضحية تقديم بلاغ للشرطة والنيابة لمباشرة هذه الجهات لاختصاصاتها القانونية في متابعة المتهم والتحقيق معه وتقديمه إلى القضاء.

مرحلة التحقيق
واستطرد : مما يحمد لنظام مكافحة الاتجار بالأشخاص أنه أولى الضحية جانبا كبيرا من الرعاية سواء في مرحلة التحقيق أو المحاكمة ومن ذلك إعلامه المجني عليه بحقوقه النظامية بلغة يفهمها وإتاحة الفرصة له لبيان وضعه بما يتضمن كونه ضحية اتجار بالأشخاص، وكذلك وضعه النظامي والجسدي والنفسي والاجتماعي. وكذلك عرضه على الطبيب المختص إذا تبين أنه بحاجة إلى رعاية طبية أو نفسية، أو إذا طلب ذلك وإيداعه أحد مراكز التأهيل الطبية أو النفسية أو الاجتماعية إذا تبين أن حالته تستدعي ذلك أو لدى أحد المراكز المتخصصة إذا كان في حاجة إلى مأوى مع توفير الحماية الأمنية له إذا استلزم الأمر ذلك كما أنه إذا كان المجني عليه -الضحية- أجنبياً وكانت هناك ضرورة لبقائه في المملكة، أو العمل أثناء السير في إجراءات التحقيق أو المحاكمة، فالنيابة أو المحكمة المختصة السماح له بذلك متى ما قدرت الحاجة لبقائه في المملكة أو قيامه بعمل.

استغلال العمال
وتؤكد الاخصائية الاجتماعية تهاني عبدالهادي أن مشكلة الاتجار بالبشر أصبحت إحدى الظواهر التي تهدد أمن المجتمعات البشرية و كيانها واستقرارها ،وتقول : بداية لابد أن نعرف بأن مفهوم الاتجار بالبشر واسع الدلالات و يشمل عدة اشكال كاستغلال العمال وتشغيلهم لساعات طويلة بأعمال شاقة وتعرضهم للكثير من المعاملة القاسية وعدم حصولهم على الحدود الدنيا من حقوقهم هذا فضلا عن استعبادهم و منعهم من العودة الى أوطانهم في حال عدم رغبتهم في الاستمرار في العمل ، واستغلال الأطفال في ممارسة التسول والعمل القسري .

واستطردت : تترك هذه الظاهرة آثارا اجتماعية شديدة الخطورة تتمثل في انتهاك حقوق الانسان تلك الحقوق الأساسية التي كفلها الإسلام وكفلتها الدولة كالحق في الحياة والمسكن والحق في العمل وتكوين اسرة. وأضافت بقولها : يلعب الاخصائي الاجتماعي دورا مهما في المساعدة في حل هذه الظاهرة سواء من الجانب الوقائي والتوعوي والعلاجي والتنموي كذلك ـ وذلك بوضع الطرق والأساليب والخطط التي تساعد في نجاح الأدوار المذكورة، موضحة أنه لابد من التعاون بين الاسرة والمجتمع فنقطة العلاج تبدأ من افراد الاسرة الذين لابد لهم من التعاون مع الدولة و سرعة الإبلاغ في حال رؤية طفل أو امرأة يمارس مهنة التسول أو عامل يعمل خارج أوقات الرسمية التي وضعتها الدولة أو طفل يقوم بأعمال شاقة وغيرها من صور الاستغلال.

وأضافت لكي يتم الحد من هذه الظاهرة يجب دراسة أسباب وقوع الأطفال ضحية لهذه الجريمة و الحرص على معالجة الأسباب و الدوافع و القضاء على العوامل التي تهيئ المناخ المناسب لذلك، وتشدد على انه ينبغي أن يخصص علماء الاجتماع و الخدمة الاجتماعية جزءا كبيرا من اهتماماتهم لتشخيص هذه المشكلة ووضع الحلول المناسبة لها ، ضرورة إجراء دراسات تسهم في الكشف عن تلك العوامل المؤدية الى الاتجار بالبشر، أيضا تفعيل دور المؤسسات الرسمية الإعلامية لحملات توعية والاسهام في مكافحاتها ، وأخيرا إنشاء وحدة خاصة من منظمات المجتمع المدني لرصد ظاهرة الاتجار بالبشر في أي مجتمع. وعددت أسباب الاتجار بالبشر وذكرت منها ضعف الوازع الديني والاخلاقي وانتشار الجريمة في المجتمعات، وأيضا الفقر لدى هؤلاء الافراد والطمع والرغبة في الربح السريع إضافة الى تسلل الافراد بطريقة غير قانونية الى أراضي الدول الأخرى وانعدام الوعي المجتمعي بهذه الجريمة ومساعدة المتسولين بحجة المساعدة المالية كلها من مسببات الإتجار بالبشر .

عقوبات الاتجار بالأشخاص

يعاقب كل من ارتكب جريمة الاتجار بالأشخاص أو ساهم أو تدخل فيها بالسجن مدة لا تزيد على (خمس عشرة) سنة، أو بغرامة لا تزيد على (مليون) ريال، أو بهما معاً.

وهذه العقوبة يجوز تشديدها بحق الفاعل -الجاني- إذا ارتكبت الجريمة جماعة إجرامية منظمة أو إذا ارتكبت ضد امرأة أو أحد من ذوي الاحتياجات الخاصة أو إذا ارتكبت ضد طفل حتى ولو لم يكن الجاني عالماً بكون المجني عليه طفلا أو إذا استعمل مرتكبها سلاحاً، أو هدد باستعماله، أو إذا كان مرتكبها زوجاً للمجني عليه أو أحد أصوله أو فروعه أو وليه، أو كانت له سلطة عليه أو إذا كان مرتكبها موظفاً من موظفي إنفاذ الأنظمة أو إذا كان مرتكبها أكثر من شخص أو إذا كانت الجريمة عبر الحدود الوطنية أو إذا ترتب عليها إلحاق أذى بليغ بالمجني عليه، أو إصابته بعاهة دائمة.

كما أنه لا يوجد في نظام مكافحة الاتجار بالأشخاص نصاً صريحاً على اعتبار الزواج بغير رضا المرأة من قبيل جرائم الاتجار بالأشخاص بدلالة نص المادة الثانية منه والتي حددت الغاية من إساءة الاستغلال. ومع ذلك اتخذت وزارة العدل بعض التدابير الاحترازية حيث حظرت على مأذوني الأنكحة إجراء عقود زواج لمن هم أقل من ثماني عشرة سنة وإحالة من يطلب الزواج منهم إلى المحكمة المختصة للتأكد من أن الزواج لا يلحق به الضرر ويحقق مصالحه.

One Response

  1. تشخيص دقيق للمشكلة ووصفة علاج واضحة ،الحمد لله نحن في الطريق الصحيح لمحاربة أي ظاهرة تتعارض مع الحق الطبيعي للإنسان بعيداً عن استغلاله .
    شكراً للعاملين في الميدان من كافة القطاعات فبمثل هذه الكفاءات وهذه الجهود نصل لأعلى مؤشرات النجاح في كل المؤشرات .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *