متابعات

المدرسة.. صمام أمان في مواجهة العنف الأسري

الرياض ــ سمية القحطاني

في الوقت الراهن، أصبحت المدرسة أحد أوجه الصد القوية في مواجهة العنف الأسري… تلك بعض الأدوات الخاصة للتصدي لقضايا العنف الأسري، حيث تعمل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية على وضع الخطط للتعامل مع أي نوع من أنواع العنف الأسري والعمل على طرح الحلول والتنفيذ لحماية كيان المجتمع؛ إذ يؤثر العنف الأسري على الأداء الاقتصادي والاجتماعي والأمني لأي مجتمع.

يقول المتخصص في الإصلاح والإرشاد الأسري، أحمد بن عبيد الحربي: “تشكل المدرسة رمزًا للعلم والثقافة؛ فهي المنهل الذي يؤسس جيل المعرفة وشباب المستقبل السليم القادرين على بناء الأوطان.
وأضاف: “اليوم لم يعد الدور الذي تقوم به المدرسة قاصرًا على حشو الجانب التعليمي، بل تعدّى ذلك إلى الاهتمام بعمليات تعديل السلوك والعمل على وقاية البيئة المدرسية وصيانتها من الوقوع في براثن المشكلات السلوكية بأنواعها المختلفة، ومن ضمنها سلوك العنف، الذي يقع فيه بعض الطلاب من طلاب آخرين يكبرونهم سنًّا، أو من أقرانهم ومعلميهم، أو أحد أفراد أسرهم، ويعتبر العنف الذي يقع عليهم من عضو أو آخرين في الأسرة من أشد أنواع العنف وطأة وأكثرها إيلامًا وأشد مرارة عليهم، وهذا ما يعرف بالعنف الأسري.

وتابع: “هناك عدة تعريفات وضعت للعنف الأسري، ولكن دعنا نبسط هذه الظاهر بأنها: كل عنف يقع في سياق العائلة بماله من سلطة ونفوذ، وهو أحد أنماط السلوك العدواني الناتج من وجود قوى غير متكافئة بين طرفين مشتبكين في علاقة، وينجم عن ذلك أضرار بدنية وانفعالية، ويتعرض المجني عليه أو عليهم للخطر؛ أو الإيذاء الجسدي، أو المعنوي، أو التحرش، والتنمر، أو الإهمال والحرمان المتعمد، أو الإيذاء اللفظي الموجه ضد عضو أو أكثر من أعضاء الأسرة.

واستطرد: “تشكل المدرسة أحد أوجه الصد التي تمنع حدوث العنف الأسري من خلال عدة لجان والاجتماعات التي تعقدها مع أولياء الأمور، وغيرها من الأساليب الأخرى، فمثلاً لجنة التوجيه والإرشاد هي اللجنة الرئيسة في المدرسة؛ حيث تتولى الجوانب المتعلقة بالسلوك فضلًا عن الدور الذي تقوم به في التعامل مع التحصيل الدراسي للطلاب بالتعاون والتنسيق والتكامل مع الأسرة وأولياء أمور الطلاب، وهي برئاسة مدير المدرسة وبعض معلميها والمرشد الطلابي، وتقوم اللجنة بالاطلاع على الحالات المعروضة عليها وتوجيهها، ومنها ما يتعلق بحالات الإيذاء والعنف الأسري بأنواعه المختلفة وغيرها، ويسهم المعلمون من خلال العمل الصفي باكتشاف الحالات وتحويلها إلى المرشد الطلابي وإمداده بالمعلومات والملاحظات التي تسهم في معالجتها. وقال “الحربي”: يتعامل المرشد الطلابي مع حالات العنف الأسري من خلال أساليب واستراتيجيات تطبيقية ميدانية؛ كالمقابلات الإرشادية مع ضحايا العنف الأسري من الطلاب، وذوي العلاقة بهم وملاحظة سلوكياتهم ودراسة حالاتهم بدءًا بوصف الحالة وتشخيصها من خلال التعرف على الأسباب والظروف والعوامل التي نشأت فيها والمؤدية إليها والدافعة لها، وإيجاد البرنامج العلاجي المناسب معتمدًا على دوره الشخصي فيه وإسهامات المحيط الاجتماعي له كالأسرة والمعلمين والأقران .

وتبرز في وسائل التواصل الاجتماعي العديد من حالات العنف في تصرفات مختلفة يقتصر بعضها على إطلاق كلمات نابية جارحة تجاه طفل أو زوجة، بينما تتخطى بعض الحالات الخطوط الحمراء لتصل إلى التعدّي بالضرب والإيذاء الجسدي الذي قد تعالج أضراره الجسدية في أيام معدودة, لكن أعراضها النفسية والمعنوية تبقى مصاحبة للمعنّف طوال حياته، فأٌقرّت الجهات المعنية في المملكة العربية السعودية العديد من التشريعات والتنظيمات، وأوجدت اللجان المعنية لمتابعة حالات العنف الأسري وتوعية المجتمع بأخطارها. وبيّن أن العنف الأسري قد يحدث من الآباء أو الأمهات أو الأبناء بسب خلل في التربية، أهمها التربية الإيمانية فضعف الإيمان بالله والجهل به وبأحكام دينه يورث الإهمال من الآباء بالقيام بواجبهم في التربية، فينشأ الأبناء على الجهل، فيتسلطون على الآباء عند كبرهم.

وختم حديثه قائلًا: “لتفعيل دور المدرسة بشكل أكبر لا بد من تضمين مناهج الدراسة في مراحل التعليم العام بموضوعات ميدانية عن العنف الأسري وأساليب واستراتيجيات مواجهته، وتكثيف الاجتماعات المدرسية بأولياء أمور الطلاب وأمهات الطالبات، ولا بد من زيادة التنسيق والتعاون والتكامل المستمر بين الوزارات ذات العلاقة كوزارات التربية التعليم والشؤون الاجتماعية والعدل والداخلية وغيرها، وإيجاد برامج تدريبية لطلاب المدارس على أساليب التعامل الأمثل مع أسرهم ومعلميهم وزملائهم وتدريبهم على مهارات الحياة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *