البلاد – مها العواودة
رغم الاتصالات المحلية والدولية لتسريع عملية تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة سعد الحريري؛ لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، أجمع مسؤولون وسياسيون لبنانيون، أن فوز جو بايدن بالانتخابات الأمريكية وفرض عقوبات أمريكية على جبران باسيل جعل مسار تشكيل الحكومة غير واضح، مما سيلقي بظلال قاتمة على أوضاع لبنان الواقع تحت الهيمنة الإيرانية، عبر الوكيل “حزب الله”، كما سيدفع باتجاه تأزم الأوضاع؛ حتى في حال تم تشكيل الحكومة التي يبدو على ملامحها سيطرة “حزب الله” وبالتالي يصعب أن تلقى ثقة الداخل والخارج.
وقال الوزير اللبناني السابق سجعان قزي: إن “حزب الله” ينتظر معرفة موقف أمريكا من إيران، وليس موقفها من لبنان في ضوء نتائج الانتخابات الأمريكية؛ ليقرر مصير الحكومة وشكلها، كما يريد معرفة موقف الرئيس الجديد من العقوبات والحصار على إيران ومن الاتفاق النووي الذي انسحب منه ترمب. وأشار إلى أن إيران تنتظر سياسة الرئيس الجديد لتعطي الضوء الأحمر أو الأخضر لـ”حزب الله” حيال موضوع الحكومة اللبنانية، منوها إلى أن التذرع بالانتخابات الأمريكية لتأليف الحكومة يكشف من جهة أخرى مدى عمق الصراع في لبنان، وعجز الأطراف السياسية على حل نزاعاتها، وعدم قدرة هذه الطبقة السياسية على إدارة الدولة اللبنانية وشؤون الشعب. وأوضح قزي، أن عملية تشكيل الحكومة – كما يجري حاليا – مشبوهة حيث جرى تفاهم بين سعد الحريري والثنائي “حزب الله – حركة أمل” على حساب الأطراف الأخرى.
وأضاف” هذا الأمر لم يكن متوقعًا من الحريري الذي اعتدنا أن يكون في طليعة الخط الوطني، الذي انتهجه إرثًا عن والده، وانسجامًا مع قاعدته الشعبية وتوافقًا مع حلفائه السابقين”، مؤكدًا أن هذا المنحى لن يؤدي إلى نتيجة، والأيام القادمة ستثبت فشل هذا التفاهم. من جهته، أكد الوزير اللبناني السابق ملحم الرياشي، أن “حزب الله” سيواصل التحكم أكثر في مسار تأليف الحكومة حال ضمن ذهاب ترمب. وأضاف “يبقى أن ننتظر ما يمكن أن يقدمه الرئيس الحريري في إطار التأليف، سواء في الأسماء كما وعدنا، وسرعة التأليف لأن الوضع في أسوأ أشكاله”. ويرى أن ما تفعله السلطة الحالية يدفع إلى تخمير ثورة جديدة أكثر تنظيمًا وفاعلية.
في السياق ذاته، قال المحامي والناشط السياسي جوي لحود: “إن الحكومة اللبنانية لن ترى النور في ظل سيطرة حزب الله على القرار اللبناني وتشديده على مواقفه في تأليف الحكومة، بعد نجاح جوبايدن الذي يتردد سعيه لتخفيف العقوبات القصوى عن إيران”، بينما أكد المحلل السياسي يوسف دياب، أن نتائج الانتخابات الأمريكية والعقوبات على جبران باسيل لها ارتدادات على الوضع الحكومي في لبنان؛ حيث وضع فوز بايدن مسار تشكيل الحكومة في منطقة رمادية.
ويرى أن الأطراف المؤثرة في تشكيل الحكومة، خاصة حزب الله وحلفاءه لهم مصلحة في بقاء الأمر الحكومي على ماهو عليه -غامض ومعلق – إلى أن تتبلور السياسية التي سيعتمدها جو بايدن على صعيد المنطقة، وخاصة مع إيران، وهو ماسيؤثر على مسار تشكيل الحكومة. وأكد أن حزب الله في كل الأحوال لن يقبل بحكومة من الاختصاصيين لن تخدم مصالحه، وأن العقوبات على باسيل، التي تنذر بفرض عقوبات أخرى على شخصيات حليفة لحزب الله الذي يرى في بقائه خارج الحكومة مزيدًا من العزلة الداخلية والخارجية، ستدفع باتجاه مراوحة طويلة في وضع الحكومة، وربما اعتذار سعد الحريري.