اجتماعية مقالات الكتاب

تراجم لتخليد عظمائنا

السير والتراجم، هي واحدة من فروع العلوم الإنسانية، التي تتمحور حول حياة الأشخاص، والأعمال التي قاموا بها خلالها، كما أنها نوع من الأنواع الأدبية، التي تتناول التعريف بحياة شخص، أو أكثر تعريفاً قد يطول أو يقصر، وتبدو وفقاً لحالة العصر التي كُتبت فيه ووفقاً لثقافة الكاتب وقدرته على رسم صورة دقيقة وواضحة، من خلال استفادته من المعارف والمعلومات المتوفرة لديه عن الشخص المترجم له .
وتُعد السيرة النبوية، أضخم التراجم الإسلامية وأقدمها ظهوراً؛ حيث دارت حول الحياة في الإسلام، متناولة نشأته واتساعه وتطوره وانتشاره بالغزوات والفتوح ، ثم جاءت كتابة تراجم الأحاديث النبوية، وهنالك بعض التراجم الذاتية المشهورة؛ منها على سبيل المثال، لا الحصر ترجمة ابن سينا لنفسه، والسيوطي، ولسان الدين الخطيب، وابن خلدون في كتابه “التعريف”، بجانب تراجم” الأيام” لطه حسين، و”حياتي” لأحمد أمين، و”أنا” لعباس محمود العقاد وغيرها.

وليس هنالك ما يحدد الفرق بين التراجم والسير على وجه الدقة، بيد أن الاصطلاح والاستخدام هما المعيار في هذا الجانب، فقد جرت عادة المؤرخين أن يسموا الترجمة حين لا يتمدد ويفصل الكاتب في تناول الشخصية التي يكتب عنها، فإذا طال وفصّل الكاتب واتسعت الترجمة سُميت سيرة، فالفرق بين هذين اللونين من الكتابة يكمن في الإيجاز والإطناب فقط.

إن الأمم تخلد عظماءها من قادتها وأعلامها وعلمائها وشعرائها ومؤلفيها وفنانيها، وكل الذين تركوا بصماتهم الخالدة على مجتمعاتهم، من خلال كتب التراجم والسير؛ إذ تكتسب تلك المدونات التاريخية أهمية فائقة في عملية كتابة وتخليد تاريخ الأمة بشكل عام، بجانب مراحل تطورها وإنجازاتها ومجهوداتها، لما تضمه تلك التراجم بين دفتيها من أحداث وحقائق ووقائع تم تدوينها بتعمق من شأنه أن يكون بوصلة لدراسة مختلف التطورات البشرية والاجتماعية والاقتصادية، كما أن من شأن هذا التدوين التاريخي الموثّق لعظماء الأمة، أن يكون حافزاً للشباب والأجيال اللاحقة؛ ليقفوا على عظمة قادتهم وأعلامهم الكبار، ويأخذوا العبر والدروس منهم.

إن كتابنا ومفكرينا وأدباءنا ومؤرخينا مطالبون اليوم بصياغة وتدوين تراجم وسير تتناول عظماء الوطن من قادة وعلماء ومفكرين، وسائر الكبار الذين تركوا بصمة في مسيرة الأمة السعودية، حيث يقع على عاتق أولئك الكتاب والمفكرين والمؤرخين تدوين وتخليد تاريخ المملكة من خلال كتب التراجم والسير؛ حتى يقف أطفالنا وأجيالنا القادمة على قصص بذل وتضحيات عظمائنا، وتكون نبراساً لهم في البذل والعطاء، بحيث تضحى مدونات السير والتراجم رافداً وإضافة لكتب تاريخنا، وتبرز تاريخ عظماء المملكة، وحضارتها العريقة عبر مختلف الحقب.
باحثة وكاتبة سعودية
@J_alnahari

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *