المحليات

معالجة حضارية لأحياء المدينة المنورة العشوائية

جدة- البلاد

منذ توليه إمارة منطقة المدينة المنورة انصب اهتمام الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز إلى تعزيز الهوية الأصيلة للمدينة المنورة كمدينة مقدسة تزخر بإرث إسلامي وتاريخي وثقافي يميزها عن بقية المدن الأخرى مما يتطلب إعادة تهيئة الأحياء العشوائية بها بما يحفظ التراث العمراني المحلي ويرفع من قيمتها ويحولها إلى أحياء نموذجية وفق رؤية اجتماعية وثقافية تهدف إلى تحسين البيئة العمرانية والجمالية على الطراز الإسلامي وتخفف عبء التكلفة على الدولة دون حاجة لنقل ساكني الحي، فالتطوير يكون بوجودهم وبمشاركة أبنائهم.

ووفقا لرؤية سمو أمير المنطقة رئيس مجلس إدارة هيئة التطوير فالأحياء القديمة لا تصنف جميعها كأحياء عشوائية ويتم نزع الملكيات فيها بشكل محدود جداً بغرض فتح طرق جديدة داخلها،وتحسين كافة الأوضاع السكنية والخدمية مع الحفاظ على مكانتها التاريخية والنسيج الاجتماعي المتماسك فيها فيما ستحد الخطط التنموية من الأحياء العشوائية التي لا تتوفر فيها أدنى معايير التخطيط وتشكل مأوى للمخالفين.

ويرى سموه أن تجربة تطوير الأحياء العشوائية، على الرغم من حداثتها، فإنها تعد نقطة تحول لتكون ذات طابع حضاري وبعد ثقافي لنشر القيم الحميدة وتعزيز جانب ثقافة الجار، وحسن الجوار، والتعاون والتكافل فيما بينهم وقد حرصت على مشاركة المجتمع المدني بأطرافه من الداعمين من أهل الخير، وسكان الحي من المواطنين، والجهات الحكومية، وتضافرت تلك الجهود في منظومة عمل متكاملة حققت من خلالها الهدف المنشود من التجربة.

وكمثال على نجاح التجربة فعند تفقد سموه مؤخراً للمشاريع التي تنفذها هيئة تطوير المنطقة وأمانة المدينة لأكثر من 5 آلاف مبنى سكني في منطقة سيد الشهداء جاء تأكيد سموه بقوله:” إن حي سيد الشهداء يرتبط بذاكرة المسلمين كونه يقع في منطقة شهدت غزوة أحد وبها مُقبرة سيد الشهداء بالإضافة إلى قربه من جبل أحد وجبل الرُماة، وتطويره يُمثل تجربة سعودية تتميز عن التجارب العالمية المُماثلة بإبقاء السكان في منازلهم وتحسين البيئة الخارجية والمرورية والخدمية لهم.

أنسنة المدينة المنورة
أطلق أمير منطقة المدينة المنورة الأمير فيصل بن سلمان مبادرة “أنسنة المدينة المنورة”، لتعزيز البعد الإنساني في المنطقة وتحسين الأحياء القديمة، وتقديم مختلف الخدمات، حماية لأصالة المكان وتنمية العمران وجودة خدمة الإنسان.
ويهدف برنامج “أنسنة المدينة المنورة” إلى تحسين عدد من المواقع والأحياء في المدينة المنورة، بما يؤهلها لأن تكون صديقة للإنسان والبيئة ضمن المسارات الرئيسة التي ارتكزت عليها رؤية رئيس هيئة تطوير منطقة المدينة المنورة، التي تؤكد تحسين كافة الأوضاع السكنية والخدمية في تلك الأحياء، دون الحاجة إلى إزالتها، وهو ما أسهم في إحداث نقلة نوعية حقيقية ذات بُعد إنساني في المدينة المنورة.

ونقل برنامج أنسنة المدينة المنورة، “حي المخاليف” من حي عشوائي يشوبه العديد من التشوهات البصرية والعمرانية إلى حي نموذجي وتحفة معمارية، تحمل الكثير من مدلولات التراث المديني، من خلال الإنجاز الهندسي الذي تحقق بأيدي أبناء المدينة المنورة إضافة إلى “حي تلعة الهبوب” الواقع جنوب شرق المدينة المنورة بجوار جبل أُحد، ويبعد قرابة ثلاثة كيلومترات عن المسجد النبوي الشريف، وتبلغ مساحته نحو 300 ألف متر مربع، ويحتضن 69 مبنى سكنيا.

خطط الأمانة التطويرية
أولت أمانة المنطقة كثيراً من الاهتمام لمشكلة الأحياء العشوائية بالمدينة المنورة، فعملت على إعداد دراسة تطويرية تهذيبية لجميع المناطق العشوائية، تشمل إعداد رفوعات مساحية للعقارات والشوارع القائمة على الطبيعة وربطها مع الشوارع المعتمدة في المخطط الهيكلي، سعياً من الأمانة لتطوير المناطق العشوائية المنتشرة في أنحاء المدينة المنورة.
وتمَّ إعداد فكرة تخطيطية تحافظ قدر الإمكان على المواقع القائمة، والتقليل من الاختزالات، وتوسعة الشوارع القائمة بما لا يخل بالعقارات فيها، ومحاولة استغلال الفراغات الموجودة في الطبيعة مثل: الساحات ومواقف السيارات لخدمة سكان الحي، وتمَّ رفع هذه الدراسة إلى وزارة الشؤون البلدية والقروية وصدرت موافقة الوزير باعتمادها، وعملت البلديات الفرعية على صيانة الإسفلت، وأرصفة وإنارة الشوارع القائمة في الطبيعة وفقاً للدراسات التطويرية المعتمدة، وتنفيذ الشوارع المتاحة التي يمكن تنفيذها وفقاً للدراسات التطويرية، ونزع ملكية ما يعترض بعد التنسيق مع الجهات ذات العلاقة بالأمانة.
وكونت الأمانة لجنة مشرفة على تنفيذ المخططات التطويرية للمناطق العشوائية، تتلخص مهامها في وضع البرامج والأولويات الخاصة بعملية تنفيذ التطوير، مع العمل على تذليل جميع العقبات التي تعترض تنفيذ المخططات التطويرية، ووضع الآليات اللازمة، والإشراف على ترتيب الأولويات، إلى جانب إزالة العقبات في الأجزاء غير المتاحة، وتوعية قاطني المناطق العشوائية بأهمية التطوير وميزاته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *