اجتماعية مقالات الكتاب

جعلوني مؤثراً

مع ظهور الخيارات المتعددة من تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح من السهل جداً الوصول لأكبر شريحة ممكنة من المستخدمين خاصة على هؤلاء الذين يستغلون شهرتهم في تسويق سلع وخدمات نظير مقابل مادي ضخم أو هدايا ثمينة، فتحت التطبيقات الطريق أمام المفلسين فكرياً للوصول لحلم الثراء والشهرة الواسعة على حساب المثقفين وأصحاب الفكر في وقت قياسي، فلم يعد الشخص المثقف أو المتخصص بوجه عام مؤثرا بقدر تأثير مشاهير التواصل الذين يتابعهم الملايين بالرغم من أنهم لا يمتلكون أية مقومات لإبداء الرأي أو التأثير فكرياً أو اجتماعياً على الناس سوى عدد المتابعين،

وفي ظل التباعد الاجتماعي والحجر المنزلي أصبح يعاني البعض من حالة فراغ جعلته يخرج علينا يومياً بمقاطع مفلسة لا قيمة لها مليئة بالابتذال والتصنع من أجل صنع محتوى فارغ لكنه ينتشر ويصل للناس كالنار في الهشيم، لأنه محتوى مقدم من باحث عن الشهرة على حساب أي شيء حتى نفسه،

فما عليك سوى تقديم أفكار لا تتماشى مع طبيعة مجتمعاتنا العربية أو أفكار خاوية لا تصل لأهداف مفيدة للمجتمع أو الضرب بالعادات والتقاليد والقيم عرض الحائط في سبيل الانتشار وإثارة حالة من الجدل والبلبلة مهما كلفك الأمر. وبين ليلة وضحاها ستجد الملايين يضمنون لك الوصول على طبق من ذهب لأنهم يبحثون عن كل ما هو جديد وغريب بضغطة زر واحدة، وستجد نفسك أصبحت شخصاً مؤثراً بعد وصول ما تقدمه للملايين حول العالم، فمشكلة الجيل الجديد أنه مع التطور التكنولوجي تحول لجيل رقمي بنسبة كبيرة، وذلك يرجع لأن الآلة أصبحت المتحكم الرئيس في تفاصيل حياتنا اليومية وهذا سلاح خطير ذو حدين يجب الانتباه جيداً إليه، فهناك جوانب كثيرة مظلمة للتكنولوجيا ولا يمكن إنكار أن لها دورا كبيرا في التأثير علي عقول المراهقين في ظل غياب الرقابة،

وعندما يشاهد المستخدم شخصا يصور تفاصيل حياته اليومية وطعامه الفاخر وماركة ملابسه، سيكون رد الفعل الطبيعي للمتلقي أنه يرغب في الوصول السريع لتلك المكانة والسعادة التي يعيشها ذلك الشخص الذي يظهر في المقطع وبالتالي تنعكس تلك الأفعال على شخصية المتلقي ليصبح مقدم المحتوى مؤثراً فيه بشكل كبير ويتبع اسلوب حياته الذي أصبح هدفاً له يجب اتباعه ليصبح مثله، سهولة الانتشار أصبحت أمر مرعب فتحول شخص مفلس فكرياً لشخص مؤثر في الملايين سيطفئ أصحاب الحكمة والأقلام الأنيقة التي تنشر ثقافة الوعي والرقي لا الابتذال والتفاهة، فلم يعد أحد يهتم بالمحتوى المقدم بقدر اهتمامه بحجم التفاعل عليه، وهو أمر يؤثر على الفكر والذوق العام وينقل صورة غير سليمة عن طبيعة المجتمع وتقاليده، لأنه يفتقر للخبرة ولا يحتوي على ما يفيد لأنه مبني فقط علي الترويج وجذب الفئة المستهدفة من المستخدمين، وهؤلاء يجب التصدي لهم لا بالقانون وحده فهناك عشرات القضايا يومياً نشاهدها لمشاهير التواصل الاجتماعي وهو ما يعكس حجم الجهد الذي تبذله الحكومات للتصدي لتلك الظاهرة، لكن يجب التصدي لهم أيضاً بمحاربة تلك الأفكار واتباع أصحاب الفكر والقلم السليم وضرورة المراقبة والتوجيه السليم عن طريق الإرشاد والنصح بمميزات وأضرار تلك التطبيقات وإبراز الضوء على نقاط الضعف والخلل بهؤلاء الأشخاص حتى يتجنب المتلقي متابعتهم أو المساهمة في وصولهم لأكبر عدد ممكن بنفسه دون الالتزام بتوجيهات من أحد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *